للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن زَيدِ بنِ أسلَمَ أنَّ النَّبيَّ أحَلَّ العُربانَ في البَيعِ (١).

القَولُ الثَّالثُ: هو وَجْهٌ عندَ الحَنابِلةِ أنَّه يَصحُّ بَيعُ العُربونِ إذا قَيَّدَ المُتعاقِدانِ هذا البَيعَ بزَمَنٍ مُعيَّنٍ. قالَ في مَطالِبِ أُولي النُّهَى في شَرحِ غايةِ المُنتَهى: ويَتَّجِهُ صِحَّةُ هذا الِاشتِراطِ في بَيعِ العُربونِ وإجارَتِه إنْ قَيَّدَ المُتعاقِدانِ ذلك بزَمَنٍ مُعيَّنٍ؛ ك: إلى شَهرٍ مِنْ الآنَ، وفاتَ ذلك الزَّمَنُ، وإلَّا يُقيِّداه بزَمَنٍ؛ فلا يَصحُّ اشتِراطُه مِنْ أصلِهِ؛ لأنَّ البائِعَ أو المُؤجِّرَ لا يَدْري إلى مَتَى يَنتظِرُ؛ فالإطلاقُ لا يُناسِبُ؛ لِمَا يَلزَمُ عليه مِنْ طُولِ الأمَدِ بلا نِهايةٍ؛ فيَترتَّبُ عليه مِنْ الضَّرَرِ ما فيه كِفايةٌ. جَزَمَ به في الرِّعايَتَيْنِ، والحاويَيْنِ، والفائِقِ، لكنَّه مَرجوحٌ، والمَذهبُ الصَّمتُ، سَواءٌ قبلَه بوَقتٍ أو لا (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا دَفَعَ إنسانٌ لِبائِعٍ أو مُؤجِّرٍ قبلَ العَقدِ دِرهَمًا مَثَلًا، وقالَ: لا تَبِعْ هذه السِّلعةَ لِغَيري، أو لا تُؤجِّرْها لِغَيري، وإنْ لَم أشتَرِها أو أستَأجِرْها مِنكَ، فهذا الدِّرهَمُ أو نَحوُه لَكَ، ثم اشتَراها مِنه بعدَ ذلك بعَقدٍ مُبتَدِئٍ وحَسَبَ الدِّرهَمَ مِنْ الثَّمنِ صَحَّ؛ لأنَّ البَيعَ خَلا عن الشَّرطِ المُفسِدِ.

وإنْ لَم يَشتَرِ السِّلعةَ أو يَستَأجِرْ في هذه الصُّورةِ لَم يَستحِقَّ البائِعُ الدِّرهَمَ؛ لأنَّ رَبَّ السِّلعةِ لو أخَذه لَأخَذه بغيرِ عِوَضٍ، ولِصاحِبِه الرُّجوعُ فيه، ولا يَصحُّ جَعلُه عِوَضًا عن انتِظارِه وتَأخيرِ بَيعِه مِنْ أجلِهِ؛ لأنَّه لو كانَ عِوَضًا عن ذلك لَما جازَ جَعْلُه مِنْ الثَّمنِ في حالِ الشِّراءِ؛ ولأنَّ الِانتِظارَ بالبَيعِ لا تَجوزُ المُعاوَضةُ


(١) رواه عبد الرزاق (٢٣١٩٥) صحيح مرسل.
(٢) «مطالب أولي النهى» (٣/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>