للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرُ : وَلُّوهم بَيعَها، وخُذوا مِنهم عُشرَ ثَمَنِها. وإذا كانَتْ مالًا لَهم وجَب ضَمانُها، كسائِرِ أموالِهم.

ولَنا: أنَّ جابِرًا رَوى أنَّ النَّبيَّ قالَ: «إنَّ اللَّهَ ورَسولَه حرَّم بَيعَ الخَمرِ والمَيْتةِ والخِنزيرِ والأصنامِ» مُتَّفقٌ على صِحَّتِه.

وما حُرِّمَ بَيعُه، لا لِحُرمَتِه، لَم تَجِبْ قِيمَتُه، كالمَيْتةِ، ولأنَّ ما لَم يَكُنْ مَضمونًا في حَقِّ المُسلِمِ لَم يَكُنْ مَضمونًا في حَقِّ الذِّمِّيِّ، كالمُرتَدِّ، ولأنَّها غيرُ مُتقوَّمةٍ، فلا تُضمَنُ، كالمَيْتةِ، ودَليلُ أنَّها غيرُ مُتقوَّمةٍ في حَقِّ المُسلِمِ، فكذلك في حَقِّ الذِّمِّيِّ أنَّ تَحريمَها ثبَت في حَقِّهما، وخِطابُ النَّواهي يَتوَجَّهُ إلَيهما؛ فما ثبَت في حَقِّ أحَدِهما ثبَت في حَقِّ الآخَرِ، ولا نُسلِّمُ بأنَّها مَعصومةٌ؛ بَلْ متى أُظهِرَتْ حَلَّتْ إراقَتُها، ثم لو عَصَمَها ما لزِم تَقويمُها؛ فإنَّ نِساءَ أهلِ الحَربِ وصِبيانَهم مَعصومونَ غيرُ مُتقوَّمِينَ.

وقَولُهم: إنَّها مالٌ عندَهم يَنتقِضُ بالعَبدِ المُرتَدِّ، فإنَّه مالٌ عندَهم، وأمَّا حَديثُ عمرَ فمَحمولٌ على أنَّه أرادَ تَركَ التَّعرُّضِ لَهم، وإنَّما أُمِرَ بأخْذِ عُشرِ أثمانِها؛ لأنَّهم إذا تَبايَعوا وتَقابَضوا حَكَمْنا لَهم بالمِلْكِ، ولَم نَنقُضْه، وتَسميتُها أثمانًا تَسميةٌ مَجازيَّةٌ، كما سَمَّى اللَّهُ تَعالى ثَمَنَ يُوسفَ ثَمَنًا؛ فقالَ: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ [يوسف: ٢٠].

وأمَّا قَولُ الخِرَقيِّ: ويُنهَى عن التَّعرُّضِ لَهم فيما لا يُظهِرونَه؛ فلأنَّ كُلَّ ما اعتَقَدوا حِلَّه في دِينِهم ممَّا لا أذَى لِلمُسلِمينَ فيه، مِنْ الكُفرِ وشُربِ الخَمرِ، واتِّخاذِها، ونِكاحِ ذَواتِ المَحارِمِ، لا يَجوزُ لَنا التَّعرُّضُ لَهم فيه إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>