وقد اختَلفَ العُلماءُ في حُكمِ المُوالاةِ في الوُضوءِ هل هي واجِبةٌ مُطلقًا أو واجِبةٌ مع الذِّكرِ والقُدرةِ أو سُنةٌ؟ على ثَلاثةِ أَقوالٍ:
القَولُ الأولُ: ذهَبَ المالِكيةُ في قَولٍ والإمامُ الشافِعيُّ في القَديمِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى وُجوبِ المُوالاةِ مُطلقًا.
واحتَجُّوا على ذلك «بأنَّ النَّبيَّ ﷺ رَأى رَجلًا يُصلِّي وفي ظَهرِ قَدمِه لُمعةٌ قَدرَ الدِّرهمِ لم يُصبْها الماءُ، فأمَرَه النَّبيُّ ﷺ أنْ يُعيدَ الوُضوءَ والصَّلاةَ»(١).
ولو لم تَجبِ المُوالاةُ لأَجزَأه غَسلُ اللُّمعةِ، ولأنَّها عِبادةٌ يُفسِدُها الحَدثُ، اشتُرطَت المُوالاةُ كالصَّلاةِ.
والآيةُ دَلَّت على وُجوبِ الغَسلِ، والنَّبيُّ ﷺ بيَّنَ كَيفيتَه، وفسَّرَ مُجمَلَه بفِعلِه وأمْرِه؛ فإنَّه لم يَتوضَّأْ إلا مُتوالِيًا، وأمَرَ تارِكَ المُوالاةِ بإِعادةِ الوُضوءِ.
القَولُ الثاني: ذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيُّ في المَذهبِ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ المُوالاةَ في الوُضوءِ سُنةٌ لظاهِرِ الآيةِ، ولأنَّ المَأمورَ به غَسلُ الأَعضاءِ، فكيفما غسَلَ جازَ، ولأنَّها إحدَى الطَّهارَتينِ لم تَجبِ المُوالاةُ فيه كالغُسلِ.