للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أسلَمَ الحَربيُّ الذي بايَعَ المُسلِمَ ودخَل دارَ الإسلامِ أو أسلَمَ أهلُ الدَّارِ، فما كانَ مِنْ رِبًا مَقبوضٍ أو بَيعٍ فاسِدٍ مَقبوضٍ فهو جائِزٌ ماضٍ، وما كانَ غيرَ مَقبوضٍ يَبطُلُ؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)[البقرة: ٢٧٨]، أمَرَهم بتَركِ ما بَقيَ مِنْ الرِّبا، وبتَركِ ما بَقيَ مِنْ الرِّبا، ونهَى عن قَبضِه، فكَأنَّه تَعالى قالَ: اترُكوا قَبْضَه، فيَقتَضي حُرمةَ القَبضِ.

ورُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «كُلُّ رِبًا في الجاهِليةِ فهو مَوضوعٌ تَحتَ قَدَمَيَّ»، والوَضعُ عِبارةٌ عن الحَطِّ والإسقاطِ، وذلك فيما لَم يُقبَضْ، ولأنَّ بالإسلامِ حرُم ابتِداءُ العَقدِ، فكذا القَبضُ بحُكمِ العَقدِ؛ لأنَّه تَقريرُ العَقدِ وتَأكيدُه، فيُشبِهُ العَقدَ، فيُلحَقُ به، إذ هو عَقدٌ مِنْ وَجْهٍ، فيُلحَقُ بالثَّابِتِ مِنْ كلِّ وَجْهٍ، في بابِ الحُرُماتِ، احتياطًا، ومَتَى حُرِّمَ القَبضُ لَم يَكُنْ في بَقاءِ العَقدِ فائِدةٌ (١).

القَولُ الثَّاني: أنَّ الرِّبا حَرامٌ، لا فَرقَ في تَحريمِه بينَ دارِ الإسلامِ ودارِ الحَربِ؛ فكلُّ عَقدٍ كانَ رِبًا حَرامًا بينَ مُسلِمينَ في دارِ الإسلامِ كانَ رِبًا


(١) «البدائع» (٥/ ١٥٢، ١٥٣)، و «المبسوط» (١٤/ ٧٥)، و (٢٢/ ٣١)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٣٣، ١٣٤)، و «الاختيار» (٢/ ٤٠)، و «اللباب» (١/ ٤٠٦)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ٩٠)، و «الهداية» (٣/ ٦٦)، و «شرح فتح القدير» (٧/ ٣٨، ٣٩)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٩٧)، و «البحر الرائق» (٦/ ١٤٧)، والعناية (٩/ ٣٤٤)، و «درر الحكام» (٦/ ٣٦٠)، و «الهندية» (٣/ ١٢١)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ١٨٦)، وكتاب: «الخلاصة الفقهية على مذهب السادة الحنفية» (٢/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>