للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المَوزوناتِ؛ لأنَّ أحَدَ وَصفَيْ عِلَّةِ رِبا الفَضلِ يَكفي في تَحريمِ النَّساءِ.

قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : فأمَّا عِلَّةُ الرِّبا في الذَّهبِ والفِضَّةِ فمَذهبُ الشافِعيِّ أنَّها جِنسُ الأثمانِ في الأغلَبِ، وقالَ بَعضُ أصحابِنا: قِيمُ المُتلَفاتِ في الأغلَبِ، ومِن أصحابِنا مَنْ جَمعَهما، وكُلُّ ذلك قَريبٌ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: العِلَّةُ فيهما أنَّه مَوزونُ جِنسٍ، فجعَل عِلَّةَ الذَّهبِ والفِضَّةِ الوَزنَ، كما جعَل عِلَّةَ البُرِّ والشَّعيرِ الكَيلَ، ودَلائِلُه في المَسألَتَيْنِ مُشترَكةٌ، ثم خَصَّ الِاحتِجاجَ في هذه المَسألةِ بتَرجيحِ عِلَّتِه، وإفسادِ عِلَّتِنا.

واحتُجَّ لِذلك بثَلاثةِ أشياءَ:

أحَدُها: أنَّ ثُبوتَ الرِّبا في الذَّهبِ والفِضَّةِ مُستَفادٌ بالنَّصِّ، ولا فائِدةَ في استِنباطِ عِلَّةٍ يُستَفادُ مِنها حُكمُ أصلِها، حتى لا يَتعَدَّى إلى غيرِها، والتَّعليلُ بالوَزنِ مُتعَدٍّ، وبِالأثمانِ غيرُ مُتعَدٍّ.

الثَّاني: أنَّه لو جازَ تَعليلُ الذَّهبِ والفِضَّةِ بكَونِهما ثَمَنًا -وذلك غيرُ مُتعَدٍّ- لَجازَ تَعليلُهما بكَونِهما فِضَّةً وذَهَبًا، فلمَّا لَم يَجُزْ أنْ يُعلَّلَ الذَّهبُ بكَونِه ذَهَبًا، ولا الفِضَّةُ بكَونِها فِضَّةً؛ لعَدمِ التَّعَدِّي، لَم يَجُزْ أنْ يُعَلَّلا بكَونِهما ثَمَنًا لعَدمِ التَّعَدِّي.

والثَّالثُ: أنَّ التَّعليلَ بالأثمانِ مُنتَقَضٌ في الطَّردِ، وفي العَكسِ، فنُقِضَ طَردُه بالفُلوسِ، وهي أثمانٌ في بَعضِ البُلدانِ، ولا رِبا فيها عندَكم، ونُقِضَ عَكسًا بأواني الذَّهبِ والفِضَّةِ، ليسَتْ أثمانًا، وفيها الرِّبا، والتَّعليلُ بالوَزنِ مُستمِرٌّ لا يُعارِضُه نَقضٌ في طَردٍ ولا عَكسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>