قالوا: لو لم يَثبُتِ الحَديثُ عن النَّبيِّ ﷺ فيه لوجَبَ به لقَولِ النَّبيِّ ﷺ: «اقتَدُوا بالذين مِنْ بَعدي، أبي بَكرٍ وعُمرَ» ولقَولِه: «إنْ يُطعِ الناسُ أبا بَكرٍ وعُمرَ فقد أُرشِدوا» ولقَولِه ﷺ: «عليكم بسُنَّتي وسُنةِ الخُلفاءِ الراشِدينَ المَهديِّينَ من بَعدي»، وقالوا: ولا يَجوزُ أنْ يَجهلَ مِثلُ هؤلاءِ فَرضَ مَسحِ الرأسِ وهو مَذكورٌ في كِتابِ اللهِ، فلولا بَيانُ النَّبيِّ ﷺ لهم ذلك وإِجازتُه ما تَرَكوا ظاهِرَ الكِتابِ والسُّنةِ.
وقالوا: وليسَ في اعتِلالِ مَنْ اعتَلَّ بأنَّ النَّبيَّ ﷺ حسَرَ العِمامةَ عن رأسِه ومسَحَ رأسَه دَفعًا لمَا قُلنا؛ لأنَّ المَسحَ على العِمامةِ ليسَ بفَرضٍ لا يُجزئُ غيرُه، ولكنَّ المُتطهِّرَ بالخيارِ، إنْ شاءَ مسَحَ برأسِه وإنْ شاءَ على عِمامَتِه، كالماسِحِ على الخُفَّينِ المُتطهِّرِ بالخيارِ، إنْ شاءَ غسَلَ رِجلَيه، وإنْ شاءَ مسَحَ على خُفَّيه.
وليسَ في إِنكارِ مَنْ أنكَرَ المَسحَ على العِمامةِ حُجةٌ؛ لأنَّ أحدًا لا يُحيطُ بجَميعِ السُّننِ.
ولعلَّ الذي أنكَرَ ذلك لو علِمَ بالسُّنةِ لرجَعَ إليها، بل غيرُ جائِزٍ أنْ يَظنَّ مُسلمٌ ليسَ مِنْ أهلِ العِلمِ غيرَ ذلك، فكيف بمَن كانَ مِنْ أهلِ العِلمِ؟ ولا يَجوزُ أنْ يَظنَّ بالقَومِ غيرَ ذلك، وكما لا يَضرُّ إِنكارُ مَنْ أنكَرَ المَسحَ على الخُفَّينِ، كذلك لا يُوهِن تَخلُّفُ مَنْ تخلَّفَ عن القَولِ بإِباحةِ المَسحِ على العِمامةِ.