للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا باعَ المَغصوبُ مِنه المالَ المَغصوبَ مِنْ غيرِ الغاصِبِ كانَ ذلك البَيعُ مَوقوفًا، فإذا أقَرَّ الغاصِبُ بالغَصبِ، أو كانَ لِلمَغصوبِ مِنه بَيِّنةٌ، كانَ البَيعُ لازِمًا، وإذا لَم يَكُنْ لَدَيْه بَيِّنةٌ وتلِف المَبيعُ قبلَ التَّسليمِ فالبَيعُ مُنفَسِخٌ.

فقالَ الحَنفيَّةُ: لا يَنعقِدُ بَيعُ المَغصوبِ إلَّا إذا باعَه الغاصِبُ وضمِنه المالِكُ، أو باعَه المالِكُ وأقَرَّ الغاصِبُ هذا البَيعَ، فإنْ لَم يُقِرَّ الغاصِبُ وكانَ لِلمالِكِ بَيِّنةٌ ثم باعَه فإنَّ البَيعَ يَنعقِدُ ويَلزَمُ المُشتَريَ، أمَّا إذا لَم تَكُنْ له بَيِّنةٌ وتلِف المَبيعُ قبلَ أنْ يُسَلِّمَه انفسخَ البَيعُ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: لا يَصحُّ بَيعُ المَغصوبِ إلَّا مِنْ غاصِبِه بأنْ يَبيعَه المالِكُ لِلغاصِبِ نَفْسِه، بشَرطِ أنْ يَكونَ الغاصِبُ عازِمًا على رَدِّ المَغصوبِ لِمالِكِه اتِّفاقًا، أمَّا إنْ كانَ عازِمًا على عَدَمِ الرَّدِّ فإنَّه لا يَنعقِدُ البَيعُ لَه، وإنْ أشكَلَ أمْرُه بأنْ لَم يُعرَفْ إنْ كانَ عازِمًا على الرَّدِّ أو لا، فقَولانِ بالمَنعِ وعَدَمِه.

وكذا يَجوزُ بَيعُه مِنْ غيرِ غاصِبِه إذا كانَ الغاصِبُ مُقِرًّا بالغَصبِ، مَقدورًا عليه بلا خِلافٍ.

أمَّا إذا كانَ الغاصِبُ مِمَّنْ لا يَخضَعُ لِحُكمِ الحاكِمِ فلا يَستَطيعُ أحَدٌ أنْ يَأخُذَ مِنه ما تَحتَ يَدِه، أو كانَ مَنْ يَخضَعُ، ولكنَّه مُنكِرٌ، ولو عليه بَيِّنةٌ، فإنَّ بَيعَ المالِكِ في هذه الحالةِ لا يَنعقِدُ على المَشهورِ؛ لِمَنعِ بَيعِ ما فيه خُصومةٌ.


(١) «تبيين الحقائق» (٤/ ٤٥)، و «العناية شرح الهداية» (٩/ ١٠٦)، و «البحر الرائق» (٦/ ٨٦)، و «درر الحكام شرح مجلة الآحكام» (١/ ٣٤٢)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٧٤)، و «اللباب» (١/ ٣٧٨)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ٥٤)، «الخلاصة الفقهية على مذهب السادة الحنفية» (٢/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>