للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، وقَولِ النَّبيِّ : «إنَّما البَيعُ عن تَراضٍ» (١). فدَلَّ على أنَّه لا بَيعَ مِنْ غيرِ تَراضٍ.

وقالَ الشافِعيَّةُ: إلَّا إذا قصَد إيقاعَ العَقدِ ونَواه حالَ الإكراهِ؛ فإنَّه في هذه الحالةِ لا يَكونُ مُكرَهًا، وكذا إنْ ظهَر مِنه قَرينةُ اختيارٍ، كَأنْ يُكرَهَ على البَيعِ بألْفٍ فيَبيعَ بأقَلَّ مِنْ ذلك أو أكثَرَ.

وَكَذا مَنْ أكرَهَ غيرَه -ولو بالباطِلِ- على بَيعِ مالِ نَفْسِه، صَحَّ فيه؛ لأنَّه أبلَغُ في الإذْنِ، وكذا في مالِ غيرِه؛ حيثُ كانَ المُكرَهُ له غيرَ مالِكِه.

وَكَذا يَصحُّ بَيعُ المُصادَرِ مِنْ جِهةِ ظالِمٍ: وهي أنْ يَطلُبَ ظالِمٌ مِنْ شَخصٍ مالًا فيَبيعَ الشَّخصُ دارَه لِأجْلِ أنْ يَدفَعَ ما طُلِبَ مِنه؛ لِئَلَّا يَنالَه أذًى مِنْ ذلك الظَّالِمِ، وذلك لأنَّه لا إكراهَ فيه على البَيعِ؛ إذْ قَصْدُ الظَّالِمِ تَحصيلُ المالِ مِنه بأيِّ جِهةٍ كانَتْ، سَواءٌ كانَ ببَيعِ دارِه أو رَهْنِها أو إيجارِها، أو بغيرِ ذلك (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن حبان (٤٩٦٧)، وابن ماجه (٢١٨٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٢٩٦).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٩)، و «العباب» (٥٠٩)، و «تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني والعبادي» (٤٢٥٢)، و «شرح إعانة الطالبين» (٣/ ١٤، ١٥)، و «الديباج» (٢/ ١١، ١٢)، و «البيان» (٥/ ١٢)، و «كفاية الآخيار» (٢٨٢)، و «حاشية قليوبي وعميرة على كنز الراغبين» (٢/ ٣٩٤)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٣/ ٤٤٥، ٤٤٦)، و «منار السبيل» (٢/ ٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ١٢٥)، و «الروض المربع» (١/ ٥٣٩)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>