للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأَلقاهُنَّ في فيه فلاكَهنَّ ثم فغَر فا الصَّبيِّ فمجَّه في فيه فجعَل الصَّبيُّ يتَلمَّظُه، فقال رَسولُ اللَّهِ : «انظُرُوا إلى حُبِّ الأنصارِ التَّمرَ، وسمَّاه عبدَ اللَّهِ» (١).

قال الإمامُ النَّوويُّ : اتَّفق العُلماءُ على استِحبابِ تَحنيكِ المَولودِ عندَ وِلادتِه بتَمرٍ، فإنْ تَعذَّر فما في مَعناه وقَريبٌ منه.

ثمَّ قالَ: وفي هذا الحَديثِ فَوائدُ، منها تَحنيكُ المَولودِ عندَ وِلادتِه وهو سُنةٌ بالإجماعِ (٢).

وقال الإمامُ بَدرُ الدِّينِ العينيُّ : فإنْ قلتَ: ما الحِكمةُ في تَحنيكِه؟

قلتُ: قال بعضُهم: يَصنعُ ذلك بالصَّبيِّ ليَتمرَّنَ على الأكلِ فيَقوَى عليه، فيا سُبحانَ اللهِ، ما أبردَ هذا الكَلامَ، وأينَ وقتُ الأكلِ مِنْ وقتِ التَّحنيكِ وهو حينَ يُولدُ والأكلُ غالبًا بعدَ سَنتَين أو أقلَّ أو أكثرَ؟

والحِكمةُ فيه أنَّه يَتفاءَلُ له بالإيمانِ؛ لأنَّ التَّمرَ ثَمرةُ الشَّجرةِ التي شبَّهها رَسولُ اللهِ بالمُؤمنِ، وبحَلاوتِه أيضًا، ولا سيَّما إذا كان المُحنِّكُ من أهلِ الفَضلِ والعُلماءِ والصالِحينَ؛ لأنَّه يَصلُ إلى جَوفِ المَولودِ من ريقِهم، ألَا تَرى أنَّ رَسولَ اللهِ لمَّا حنَّك عبدَ اللهِ ابنَ الزُّبيرِ حازَ من الفَضائلِ والكَمالاتِ ما لا يُوصفُ؟ وكان قارِئًا للقُرآنِ


(١) رواه البخاري (٥١٥٣)، ومسلم (٢١٤٤).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٤/ ١٢٢، ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>