للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَقصودُ أنَّ هذه الأيامَ أوَّلُ مَراتبِ العُمرِ، فإذا استَكمَلها المَولودُ انتقَل إلى المَرتبةِ الثانيةِ وهي الشُّهورُ، فإذا استَكمَلها انتقَل إلى الثالِثةِ وهي السِّنينُ، فما نقَص عن هذه الأيامِ فغيرُ مُستَوفٍ للخَليقةِ، وما زادَ عليها فهو مُكرَّرٌ يُعادُ عندَ ذِكرِه اسمُ ما تَقدَّم من عَددِه، فكانت السِّتةُ غايةً لتَمامِ الخَلقِ، وجُمع في آخرِ اليومِ السادسِ منها فجُعلت تَسميةُ المَولودِ وإماطةُ الأذى عنه وفِديتُه وفكُّ رِهانِه في اليومِ السَّابعِ كما جعَل اللهُ اليومَ السابِعَ من الأُسبوعِ عيدًا لهم يَجتمِعون فيه مُظهِرين شُكرَه وذِكرَه فَرِحين بما آتاهُم اللهُ مِنْ فَضلِه من تَفضيلِه لهم على سائرِ الخَلائقِ المَخلوقةِ في الأيامِ قبلَه.

فإنَّ اللهَ أجرى حِكمتَه بتَغيرِ حالِ العَبدِ في كلِّ سَبعةِ أيَّامٍ وانتِقالِه من حالٍ إلى حالٍ فكانت السَّبعةُ طَورًا من أطوارِه وطَبقًا من أطباقِه، ولهذا تَجدُ المَريضَ تَتغيرُ أحوالُه في اليومِ السابِعِ، ولا بدَّ إمَّا إلى قُوَّةٍ وإمَّا إلى انحِطاطٍ، ولمَّا اقتضَت حِكمتُه ذلك شرَع لعِبادِه كلَّ سَبعةِ أيامٍ يَومًا يَرغَبون فيه إليه يَتضرَّعون إليه ويَدعونه، فيَكونُ ذلك من أعظمِ الأسبابِ في صَلاحِهم وفي مَعاشِهم ومَعادِهم، ودَفعِ كَثيرٍ من الشُّرورِ عنهم، فسُبحانَ من بهَرت حِكمتُه العُقولَ في شَرعِه وخَلقِه واللهُ أعلمُ (١).


(١) «تحفة المولود» ص (٩٤، ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>