قال الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: وأمَّا آخرُ زَمانِ الذَّبحِ فإنَّ مالكًا قال: آخِرُه اليومُ الثالِثُ من أيامِ النَّحرِ، وذلك مَغيبَ الشَّمسِ، فالذَّبحُ عندَه هو في الأيامِ المَعلوماتِ يومَ النَّحرِ ويَومان بعدَه، وبه قال أبو حَنيفةَ وأحمدُ وجَماعةٌ.
ورُوي عن جَماعةٍ أنَّهم قالوا: الأضحى يَومٌ واحِدٌ، وهو يومُ النَّحرِ خاصَّةً، وقد قيلَ: الذَّبحُ إلى آخرِ يَومٍ من ذي الحِجةِ وهو شاذٌّ لا دَليلَ عليه، وكلُّ هذه الأقاويلِ مَرويَّةٌ عن السَّلفِ.
وسَببُ اختِلافِهم شَيئان:
أحدُهما: اختِلافُهم في الأيامِ المَعلوماتِ: ما هي في قولِه تَعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٧] فقيلَ: يومُ النَّحرِ ويَومان بعدَه، وهو المَشهورُ، وقيلَ: العَشرُ الأُوَلُ من ذي الحِجَّةِ.
والسَّببُ الثاني: مُعارَضةُ دَليلِ الخِطابِ في هذه الآيةِ لحَديثِ جُبيرِ بنِ مُطعِمٍ، وذلك أنه ورَد فيه عنه ﷺ أنَّه قال:«كلُّ فِجاجِ مكةَ مَنحَرٌ، وكلُّ أيامِ التَّشريقِ ذَبحٌ»، فمَن قال في الأيامِ المَعلوماتِ: إنَّها يومُ النَّحرِ