فذهَب الحَنابلةُ إلى أنَّه تُجزِئُ في الأُضحيَّةِ البَتراءُ، وهي التي لا ذنَبَ لها، سَواءٌ كان خِلقةً أو مَقطوعًا (١)، وهو قولُ أبي حَنيفةَ إذا كان خِلقةً.
وذهَب الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ -في الجُملةِ عندَهم- إلى أنَّه لا تُجزِئُ البَتراءُ التي لا ذنَبَ لها أو مَقطوعةُ الذنَبِ.
قال الحَنفيةُ: إذا كانت مَقطوعًا أكثرُ ذنَبِها يَمنَعُ جَوازَ التَّضحيةِ، وإنْ كان يَسيرًا لا يَمنَعُ؛ لأنَّ اليَسيرَ مما لا يُمكِنُ التَّحرُّزُ عنه؛ إذ الحَيوانُ لا يَخلو عنه عادةً، فلو اعتُبِر مانِعًا لَضاقَ الأمرُ على الناسِ ووقَعوا في الحَرجِ.
واختُلِف في الحَدِّ الفاصِلِ بينَ القَليلِ والكَثيرِ، فعن أبي حَنيفةَ ﵀ أربعُ رِواياتٍ، رَوى مُحمدٌ ﵀ عنه في الأصلِ، وفي الجامِعِ الصَّغيرِ أنَّه إنْ كان ذهَب الثُّلثُ أو أقلُّ جازَ، وإنْ كان أكثرَ من الثُّلثِ لا يَجوزُ.
ورَوى أبو يُوسفَ ﵀ أنَّه إنْ كان ذهَب الثُّلثُ لا يَجوزُ وإنْ كان أقلَّ من ذلك جازَ، وقال أبو يُوسفَ ﵀: ذَكرتُ قَولي لِأبي حَنيفةَ ﵀ فقال: قَولي مِثلُ قولِك، وقولُ أبي يُوسفَ أنَّه إنْ كان الباقي أكثرَ من الذاهبِ يَجوزُ، وإنْ كان أقلَّ منه أو مثلَه لا يَجوزُ.
ورَوى أبو عَبدِ اللهِ البَلخيُّ عن أبي حَنيفةَ ﵁ أنَّه إذا ذهَب الرُّبعُ لم يُجزئْه، وذكَر الكَرخيُّ قولَ مُحمدٍ مع قولِ أبي حَنيفةَ في رِوايتِه عنه
(١) «المغني» (٩/ ٣٥٠)، و «الكافي» (١/ ٤٧٣)، و «الإنصاف» (٤/ ٨٠، ٨١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٤).