للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَب الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّه تُجزِيُ الجَماءُ -وهي التي لا قَرنَ لها خِلقةً، وتُسمَّى الجَلحاءَ-؛ لأنَّ القَرنَ لا يَتعلَّقُ به مَقصودٌ، وكذا مَكسورةُ القَرنِ تُجزِئُ لِما رُوي عن سَلمةَ بن كُهيْلٍ عن حُجيَّةَ قال: «سأَل رَجلٌ عَليًّا عنِ البَقرةِ فقال: عن سَبعةٍ، فقال: مَكسورةُ القَرنِ؟ فقال: لا يَضرُّك، قال: العَرجاءُ؟ قال: إذا بلَغتِ المَنسكَ فاذبَحْ، أمَرنا رَسولُ اللَّهِ أنْ نَستشرِفَ العَينَ والأُذنَ» (١) (٢).

قال الإمامُ الشافِعيُّ : وليس في القَرنِ نَقصٌ فيُضحَّى بالجَلحاءِ، وإذا ضحَّى بالجَلحاءِ فهي أبعدُ من القَرنِ من مَكسورةِ القَرنِ، وسَواءٌ كان قَرنُها يُدمي أو صَحيحًا؛ لأنَّه لا خَوفَ عليها في دَمِ قَرنِها، فتَكونُ به مَريضةً فلا تُجزِئُ من جِهةِ المَرضِ ولا يَجوزُ فيها إلا هذا، وإنْ كان قَرنُها مَكسورًا كَسرًا قَليلًا أو كَثيرًا يُدمي أو لا يُدمي فهو يُجزِئُ (٣).

وذهَب المالِكيةُ إلى أنَّ مَكسورةَ القَرنِ إذا كانت تُدمي، أي: في حالةِ نُزولِ الدَّمِ منها، لا تُجزِئُ، وإنْ كانت قد بَرِئت أجزأت.

جاء في «المُدوَّنةِ الكُبرى»: (قلتُ): أرأيتَ مَكسورةَ القَرنِ هل تُجزِئُ في الهَدايا والضَّحايا في قولِ مالكٍ؟ (قال): قال مالكٌ: نَعمْ، إنْ كانت لا


(١) رواه الإمام أحمد (٧٣٤)، والحاكم في «المستدرك» (٧٥٣٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٥/ ٧٦)، و «الهداية» (٤/ ٧٤)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٥)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٨٩)، و «البيان» (٤/ ٤٤٤، ٤٤٥)، و «المجموع» (٨/ ٢٩٧)، و «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ١٢٠).
(٣) «الأم» (٢/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>