أحدُها: أنَّه يَجبُ بخُروجِ الحَدثِ، ويَكونُ وُجوبًا مُوسَّعًا ما لم يَدخلِ الوَقتُ ويَبقى ما يَسعُه ويَسعُ الصَّلاةَ فَقط.
والثاني: أنَّ مُوجبَه دُخولُ الوَقتِ، أي: دُخولُ وَقتِ الصَّلاةِ، أو القيامُ إلى الصَّلاةِ ويُعبَّرُ عنه بإرادةِ القيامِ إلى الصَّلاةِ أو نَحوِها مما يَتوقَّفُ عليه.
قالَ ابنُ حَجرٍ الهَيتميُّ ﵀: وبَعضُهم عبَّرَ بالأولِ، وهو أظهَرُ؛ لأنَّه المُحقِّقُ للوُجوبِ، وبَعضُهم بالثاني؛ لأنَّه أوفَقُ لدَليلِ هذا الوَجهِ وهو قَولُه تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ الآيةَ، ومَعنى كَونِ الإِرادةِ أو دُخولِ الوَقتِ مُوجِبًا أنَّه سَببٌ للمُوجِبِ، وهو القيامُ إلى الصَّلاةِ إذْ وُجوبُها مُوجِبٌ للوُضوءِ.
ويُؤيِّدُ القَولَ الثانيَ قَولُه ﷺ:«إنَّما أُمِرتُ بالوُضوءِ إذا قُمتُ إلى الصَّلاةِ»(١).
والثالِثُ: يَجبُ بالأمرَينِ مَعًا، بالحَدثِ مع القيامِ إلى الصَّلاةِ، قالَ النَّوويُّ: وهو الراجِحُ عندَ أَصحابِنا.
ونَصَّ الحَنابِلةُ في الصَّحيحِ من المَذهبِ على أنَّ سَببَ وُجوبِ الوُضوءِ الحَدثُ، كما ذكَرَه ابنُ عَقيلٍ وغيرُه.
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٧٦٠)، والترمذي (١٨٤٧)، والنسائي (١٣٢)، ورواه مسلم بنحوه (٣٧٤).