للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابتِداءُ العامِ يُعدُّ من شَهرِ مُحرَّمٍ، فمَن اعتمَر في ذي الحِجةِ ثم اعتمَر في مُحرَّمٍ فجائزٌ ولا كَراهةَ في عُمرتِه الثانيةِ؛ لأنَّه أداها في سَنةٍ أُخرى.

وقال الحَطابُ المالِكيُّ : ويُستَثنى من كَراهةِ تَكرارِ العُمرةِ في السَّنةِ من تكرَّر دُخولُه إلى مكةَ من مَوضعٍ يَجبُ عليه الإحرامُ منه، وهو الظاهرُ، ولم أرَ مَنْ صرَّح به؛ لأنَّه إنْ أحرَم بحَجٍّ فقد أحرَم قبلَ وقتِه وإنْ لم يُحرِمْ دخَل بغيرِ إحرامٍ، واللهُ أعلمُ (١).

وقد استدلَّ المالِكيةُ على ذلك بما يلي:

١ - بأنَّها عِبادةٌ تَشتمِلُ على الطَّوافِ والسَّعيِ فلا تُفعلُ في السَّنةِ إلا مَرةً كالحَجِّ.

٢ - قالوا: إنَّ النَّبيَّ اعتمَر، وأتَى مكةَ وحجَّ واعتمَر مع حَجِّه، ولم يأتِ بعُمرتَين في سَنةٍ واحِدةٍ، وأفعالُه على الوُجوبِ أو النَّدبِ، وقد جاء في فَتحِ مكةَ سَنةَ ثمَانٍ من الهِجرةِ، وذهَب إلى حُنَينٍ، وفي عَودتِه اعتمَر من الجِعرانةِ، وكانت عُمرةً واحِدةً، ولم يُكرِّرِ العُمرةَ، مع أنَّه كان لَديْه الوقتُ لذلك، ولو كان مُستحبًّا لفعَله أو ندَب إليه على وَجهٍ يَقطعُ العُذرَ.

القولُ الثاني: ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ والظاهِريَّةُ وابنُ عبدِ البرِّ وابنُ المَوَّازِ ومُطرِّفٌ واللَّخميُّ من المالِكيةِ


(١) «مواهب الجليل» (٢/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>