للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّحلُّلُ لمَعنًى هو مَوجودٌ في المَرضِ وغيرِه، وهو الحاجةُ إلى التَّرفيهِ، والتَّيسيرِ لِما يَلحقُه من الضَّررِ والحَرجِ بإبقائه على الإحرامِ مُدةً مَديدةً، والحاجةُ إلى التَّرفيهِ والتَّيسيرِ مُتحقَّقةٌ في المَريضِ ونحوِه، فيَتحقَّقُ الإحصارُ، ويثبُتُ مُوجِبُه، بل أوْلى؛ لأنَّه يَملكُ دَفعَ شرِّ العَدوِّ عن نَفسِه بالقِتالِ، فيَدفعُ الإحصارَ عن نَفسِه، ولا يُمكِنُه دَفعُ المَرضِ عن نَفسِه، فلمَّا جُعل ذلك عُذرًا فلَأنْ يُجعلَ هذا عُذرًا أوْلى، واللهُ أعلمُ (١).

وقال الزَّيلَعيُّ : ولَئن كان (أي: الإحصارُ) مُختَصًّا به (أي: بالعَدوِّ) كما زعَم الشافِعيُّ فيَتناوَلُ المَرضَ دِلالةً؛ لأنَّ التَّحلُّلَ إنَّما شُرع لدَفعِ الحَرجِ الآتي من قِبلِ امتِدادِ الإحرامِ، والحَرجُ بالاصطِبارِ عليه مع المَرضِ أعظمُ، فكان أوْلى التَّحلُّلُ، والدَّليلُ على صِحةِ هذا المَعنى أنَّ المُحصَرَ بعَدوٍّ له أنْ يَرجعَ إلى أهلِه من غيرِ تَحلُّلٍ، ويَصبِرُ، وهو مُحرِمٌ إلى أنْ يَزولَ الخَوفُ، فإذا أدرَك الحَجَّ وإلا تَحلَّل بالعُمرةِ، وإنَّما أُبيحَ له التَّحلُّلُ للضَّرورةِ حتى لا يَمتدَّ إحرامُه فيُشقُّ عليه فصارَ كالمَريضِ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٩١، ١٩٢).
(٢) «تبين الحقائق» (٢/ ٧٨)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ١٨٧)، و «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ٣٣٤)، و «المبسوط» (٤/ ١٠٨)، و «الاستذكار» (٤/ ١٧٠)، و «التمهيد» (١٥/ ١٩٤، ٢٠١)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٧٨)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٧١، ٣٧٥)، و «المجموع» (٨/ ٢٢٢)، وما بعدَها، و «مغني المحتاج» (١/ ٥٣٢)، و «المغني» (٤/ ٥١٠)، و «الاختيار» (١/ ١٧٧)، و «الإنصاف» (١/ ١٧٧)، و «شرح ابن بطال» (٤/ ٤٥٧)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ٣٥٧، ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>