للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: «اغسِلوه بماءٍ وسِدرٍ وكفِّنوه في ثَوبَيه ولا تُخمِّروا وَجهَه ولا رَأسَه؛ فإنَّه يُبعَثُ يومَ القيامةِ مُلبِّيًا» (١)، ولأنَّه مُحرَّمٌ على المَرأةِ مع أنَّ في الكَشفِ فِتنةً، فالرَّجلُ بطَريقِ الأوْلى.

وعن ابنِ عُمرَ أنَّه كان يَقولُ: «ما فَوقَ الذَّقنِ من الرَّأسِ فلا يُخمِّرْه المُحرِمُ» (٢).

وذهَب الشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَحرمُ عليه سَترُ وَجهِه ولا فِديةَ عليه إنْ ستَره.

واحتَجُّوا على ذلك بما ورَد أنَّ عُثمانَ بنَ عَفذانَ وزَيدَ بنَ ثابِتٍ ومَروانَ بنَ الحَكمِ كانوا يُخمِّرونَ وُجوهَهم وهُم حُرمٌ.

قال النَّوويُّ : رَوى مالكٌ والبَيهَقيُّ بالإسنادِ الصَّحيحِ عن عبدِ اللهِ بنِ أبي بَكرٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عامرِ بنِ رَبيعةَ قال: «رَأيتُ عُثمانَ بنَ عَفذانَ بالعَرجِ وهو مُحرِمٌ في يَومٍ صائفٍ قَدْ غطَّى وَجهَه بقَطيفةِ أُرجوانٍ» (٣).

والجَوابُ عن حَديثِ ابنِ عَباسٍ أنَّه إنَّما نَهى عن تَغطيةِ وَجهِه لصَيانةِ رَأسِه، لا لقَصدِ كَشفِ وَجهِه، فإنَّهم لو غطَّوا وَجهَه لم يُؤمَنْ أنْ يُغطُّوا رَأسَه، ولا بدَّ من تَأويلِه؛ لأنَّ مالِكًا وأبا حَنيفةَ يَقولانِ: لا يُمتنَعُ من سَترِ


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدَّم.
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (٧١٥)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٥/ ٥٤)، والطحاوي في «شرح المشكل» (٨/ ٤١١)، وصححه النووي في «المجموع» (٧/ ٢٣٧).
(٣) صححه الألباني في «الصحيحة» (٦/ ٣٩٨)، والنووي في «المجموع» (٧/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>