للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانَ ابنُ عُمرَ وابنُ عَباسٍ يَرفَعانِ أيديَهما إذا رَمَيا الجَمرةَ، ويُطيلانِ الوُقوفَ.

ورُوي عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَزيدَ، قال: «أفَضتُ مع عبدِ اللَّهِ، فرَمى بسَبعِ حَصَياتٍ، يُكبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، واستَبطَنَ الواديَ، حتى إذا فرَغ قال: اللَّهمَّ اجعَلْه حَجًّا مَبرورًا، وذَنبًا مَغفورًا. ثم قال: هكَذا رَأيتُ الذي أُنزلَت عليه سورةُ البَقرةِ صنَع» رَواه الأثرَمُ.

وعن عَطاءٍ، قال: كان ابنُ عُمرَ يَقومُ عندَ الجَمرتَين، مِقدارَ ما يَقرَأُ الرَّجلُ سُورةَ البَقَرةِ. رَواه الأثرَمُ (١).

قال: وإنْ ترَك الوُقوفَ عندَها والدُّعاءَ، ترَك السُّنةَ، ولا شيءَ عليه، وبذلك قال الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ، ولا نَعلمُ فيه مُخالِفًا، إلا الثَّوريَّ قال: يُطعِمُ شيئًا، وإنْ أراقَ دَمًا أَحبُّ إليَّ؛ لأنَّ النَّبيَّ فعلَه، فيَكونُ نُسكًا.

ولَنا: أنَّه دُعاءُ وُقوفٍ مَشروعٍ له، فلم يَجبْ بتَركِه شيءٌ، كحالةِ رُؤيةِ البَيتِ، وكَسائرِ الأدعيةِ، ولأنَّها إحدى الجَمَراتِ، فلم يَجبِ الوُقوفُ عندَها والدُّعاءُ، كالأُولى، والنَّبيُّ يَفعلُ الواجباتِ والمَندوباتِ، وقد ذكَرنا الدَّليلَ على أنَّ هذا نَدبٌ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٧٣، ٧٥).
(٢) «المغني» (٥/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>