قال الكاسانيُّ ﵀: فإنْ لم يَرمِ حتى غرَبت الشَّمسُ يَرمِ قبلَ طُلوعِ الفجرِ من اليومِ الثاني وأجزَأه ولا شيءَ عليه في قولِ أصحابِنا، وللشافِعيِّ فيه قَولانِ في قَولٍ إذا غرَبت الشَّمسُ فقد فاتَ الوقتُ وعليه الفِديةُ، وفي قَولٍ: لا يَفوتُ إلا في آخرِ أيامِ التَّشريقِ.
والصَّحيحُ قولُنا؛ لِما رُوي أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ أذِن للرِّعاءِ أنْ يَرموا باللَّيلِ ولا يُقالُ إنَّه رخَّص لهم ذلك لعُذرٍ؛ لأنَّا نَقولُ ما كان لهم عُذرٌ؛ لأنَّه كان يُمكِنُهم أنْ يَستَنيبَ بعضُهم بعضًا فيَأتيَ بالنَّهارِ فيَرميَ، فثبَت أنَّ الإباحةَ كانت لعُذرٍ، فيَدلُّ على الجوازِ مُطلقًا، فلا يَجبُ الدَّمُ، فإنْ أخَّر الرَّميَ حتى طلَع الفَجرُ من اليومِ الثاني رَمى وعليه دَمٌ للتَّأخيرِ في قولِ أبي حَنيفةَ، وفي قولِ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ لا شيءَ عليه، والكَلامُ فيه يَرجعُ إلى أنَّ الرَّميَ مُؤقَّتٌ عندَه، وعندَهما ليس بمُؤقَّتٍ، وهو قولُ الشافِعيِّ، وهو على الاختِلافِ الذي ذكَرنا في طَوافِ الزِّيارةِ في أيامِ النَّحرِ أنَّه مُؤقَّتٌ بها وُجوبًا عندَه حتى يَجبَ الدَّمُ بالتَّأخيرِ عنها، وعندَهم ليس بمُؤقَّتٍ أصلًا، فلا يَجبُ بالتَّأخيرِ شيءٌ، والحُجَجُ من الجانِبَين، وجَوابُ أبي حَنيفةَ عن تَعلُّقِهما بالخَبرِ والمَعنى ما ذكَرنا في الطَّوافِ، واللَّهُ أعلمُ (١).
وقال الإمامُ الطَّحاويُّ ﵀: باب الرَّجُل يَدعُ رَميَ جَمرةِ العَقَبةِ يومَ النَّحرِ ثم يَرميها بعدَ ذلك: