للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجهُ الاستِدلالِ: أنَّ مَنْ ترَك الوُقوفَ بعَرفةَ لِأيِّ سَببٍ كان فقد فاتَه الحَجُّ.

٢ - حَديثُ عُروةَ بن مُضرِّسِ أنَّ النَّبيَّ قال: «مَنْ شهِد صَلاتَنا هذه ووقَف معَنا حتى نَدفعَ وقَد وقَف بعَرفةَ قبلَ ذلك ليلًا أو نَهارًا فقد أتَمَّ حجَّهُ وقضَى تَفثَه» (١).

وَجهُ الاستِدلالِ: أنَّ من لم يَأتِ عَرفةَ في وقتِها لِأيِّ سَببٍ من الأسبابِ لم يَتمَّ حَجُّه، ولم يَقضِ تَفثَه؛ مع العِلمِ بأنَّ هذا الكَلامَ قيلَ لشَخصٍ يَجهلُ مَكانَ عَرفةَ؛ والجاهِلُ بالعُذرِ أولى من غيرِه؛ ومع ذلك لم يُعذَرْ.

٣ - أنَّ أهلَ العِلمِ أجمَعوا على أنَّ فواتَ الحَجِّ بفَواتِ الوُقوفِ بعَرفةَ، لِأيِّ سَببٍ من الأسبابِ كمن أخطَأ في عَددِ أيامِ العَشرِ ونحوِه، فإنَّه لا يَصحُّ حَجُّه، ويَدلُّ عليه حَديثُ هَبارِ بنِ الأسودِ أنَّه جاءَ يومَ النَّحرِ وعُمرُ بنُ الخَطابِ يَنحرُ هَديَه فقال: «يا أميرَ المُؤمِنينَ أخطَأْنا العدَّةَ كنا نرَى أنَّ هذا اليومَ يومُ عَرفةَ، فقال عُمرُ: اذهَبْ إلى مكةَ فطُفْ أنتَ ومَن معَك وانحَروا هَدْيًا إنْ كان معَكم ثم احلِقوا أو قَصِّروا وارجِعوا، فإذا كان عامُ قابِلٍ فحُجُّوا واهْدوا، فمَن لم يَجدْ فصيامُ ثَلاثةِ أيامٍ في الحَجِّ وسَبعةٍ إذا رجَع» (٢)، فهُنا عُمرُ لم يَعذرْهم عندَما فاتَهم يومُ عَرفةَ، مع أنَّ فواتَهم لسَببٍ


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدَّم.
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (٨٥٧)، وصححه النووي في «المجموع» (٨/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>