للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، يَرجعُ إلى قولِه: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾، والمَعنى: ذلك الحُكمُ -وهو وُجوبُ الهَديِ على من تَمتَّع، وهو يَشملُ القِرانَ- إذا لم يَكنْ من حاضِري المَسجدِ الحَرامِ، فإذا كان من حاضِري المَسجدِ الحَرامِ فلا هَديَ عليه، وقِرانُه وتَمتُّعُه صَحيحانِ (١).

وذهَب الحَنفيةُ إلى أنَّ المَكيَّ ومَن في حُكمِه يُفرِدُ فقط، ولو قرَن أو تمتَّع جازَ وأساءَ، وعليه دَمُ جَبرٍ، ولا يُجزِئُه الصَّومُ، فاشترَطوا للقارِنِ والمُتمتِّعِ ألَّا يَكونَ من حاضِري المَسجدِ الحَرامِ، وقالوا: إنَّ المُرادَ ب «ذلك»، الوارِدةِ في قولِه تَعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، التَّمتُّعُ بالعُمرةِ إلى الحَجِّ، وهو يَشملُ القِرانَ والتَّمتُّعَ لِمن لم يَكنْ أهلُه حاضِري المَسجدِ الحَرامِ، فدلَّت على أنَّه لا قِرانَ ولا تَمتُّعَ له، ولو كان المُرادُ الهَديَ لَقال: ذلك على مَنْ لم يَكنْ أهلُه حاضِري المَسجدِ الحَرامِ.

ولأنَّ اللهَ ﷿ شرَع التَّمتُّعَ والقِرانَ للتَّرفُّهِ بإسقاطِ إحدَى السَّفرتَين، وهذا في حقِّ الآفاقيِّ، ومن كان في داخلِ الميقاتِ فهو بمَنزلةِ المَكيِّ، فلا يَكونُ له تَمتُّعٌ ولا قِرانٌ.


(١) «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ١٨٢)، و «تفسير القرطبي» (٧/ ٤٠٣)، و «المجموع» (٧/ ١٤٣)، و «الإفصاح» (١/ ٤٦٤)، و «المغني» (٥/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>