للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القُرطبيُّ : أجمَع أهلُ العِلمِ على أنَّ لِمن أهلَّ بعُمرةٍ في أشهُرِ الحَجِّ أنْ يُدخِلَ عليها الحَجَّ ما لم يَفتتِحِ الطَّوافَ بالبَيتِ، ويَكونُ قارِنًا بذلك، يَلزمُه ما يَلزمُ القارِنَ الذي أنشَأ الحَجَّ والعُمرةَ معًا (١).

ومما يَدلُّ على جوازِ ذلك حَديثُ عائشةَ في حَجةِ النَّبيِّ ، وفيه قولُها: وكُنتُ ممَّن أهلَّ بعُمرةٍ، فحِضتُ قبلَ أنْ أدخُلَ مكةَ، فأدرَكني يومُ عَرفةَ وأنا حائضٌ، فشَكَوتُ إلى رَسولِ اللهِ فقال: «دَعي عُمرتَكِ وانقُضي رَأسَكِ وامتَشِطي وأهِلِّي بالحَجِّ» ففَعَلتُ … الحَديثَ (٢).

أمَّا إذا أحرَم بالحَجِّ ثم أدخَل العُمرةَ على الحَجِّ فإنَّه لا يَصحُّ إحرامُه بالعُمرةِ عندَ المالِكيةِ والشافِعيةِ في الجَديدِ والحَنابلةِ في المَذهبِ وإسحاقَ وأبي ثَورٍ وابنِ المُنذرِ؛ لِما رَوى الأثرَمُ بإسنادِه عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ نَصرٍ عن أبيه، قال: «خرَجتُ أُريدُ الحَجَّ، فقَدِمتُ المَدينةَ، فإذا عَليٌّ قَدْ خرَج حاجًّا، فأهلَلتُ بالحَجِّ، ثم خَرَجتُ، فأدرَكتُ عَليًّا في الطَّريقِ، وهو يُهلُّ بعُمرةٍ وحَجَّةٍ، فقلتُ: يا أبا الحَسنِ، إنَّما خرَجتُ من الكُوفةِ لِأقتَديَ بكَ، وقَد سبَقتَني، فأهلَلتَ بالحَجِّ، أفَأستَطيعُ أنْ أدخُلَ مَعَكَ فيما أنتَ فيهِ؟ قال: لا، إنَّما ذلك لو كُنْتَ أهلَلتَ بعُمرةٍ (٣).


(١) «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٩٨).
(٢) رواه البخاري (٣١١، ١٦٩٤)، ومسلم (١٢١١).
(٣) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (٤/ ٣٤٨) من طريقِ شُعبةَ عن مَنصورٍ سمِع مالكَ بنَ الحارثِ عن أبي نَصرٍ السُّلميِّ أنَّه لقِي عليًّا وقد أهلَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>