للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، بأن كان ميقاتُ عُمرتِه الجُحفةَ فعادَ إلى ذاتِ عِرقٍ، فهل هو كالعَودِ إلى ميقاتِ عُمرتِه؟ وَجهانِ:

أحدُهما: لا، وعليه دَمٌ.

قال النَّوويُّ: وأصحُّهما: نَعمْ؛ لأنَّه أحرَم من مَوضعٍ ليسَ ساكِنوه من حاضِري المَسجدِ الحَرامِ، وهذا اختيارُ القَفال والمُعتبَرينَ.

وقطَع الفُورانيُّ بأنَّه لو سافَر بعدَ عُمرتِه من مكةَ سَفرًا تُقصَرُ فيه الصَّلاةُ ثم حجَّ من سَنتِه فلا دَمَ عليه (١).

وقال الحَنابلةُ: يُشترَطُ ألَّا يُسافرَ بينَ العُمرةِ والحَجِّ سَفرًا بَعيدًا تُقصَرُ في مِثلِه الصَّلاةُ.

قال ابنُ قُدامةَ : لِما رُوي عن عُمرَ أنَّه قال: «إذا اعتمَر في أشهُرِ الحَجِّ ثم أقامَ فهو مُتمتِّعٌ، فإنْ رجَع فليسَ بمُتمتِّعٍ» (٢).

وعن ابنِ عُمرَ نحوُ ذلك، ولأنَّه إذا رجَع إلى الميقاتِ أو ما دونَه لزِمه الإحرامُ منه، فإنْ كان بَعيدًا فقَد أنشَأ سَفرًا بَعيدًا لحَجِّه، فلم يَترَفَّه بأحدِ السَّفرَين؛ فلم يَلزمْه دَمٌ كمَوضعِ الوِفاقِ، والآيةُ تَناولَت المُتمتِّعَ، وهذا ليسَ بمُتمتِّعٍ بدَليلِ قولِ عُمرَ (٣).


(١) «المهذب» (١/ ٢٠٨)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨، ٤٩)، و «المجموع» (٧/ ١٥١).
(٢) عن ابنِ عُمرَ عن عُمرَ بنِ الخَطابِ قال: «إذا أهلَّ بالعُمرةِ في أشهُرِ الحجِّ ثم أقامَ حتى يَحجَّ فهو مُتمتِّعٌ، وإذا رجَع إلى أهلِه ثم حجَّ فليسَ مُتمتِّعًا» وراه ابن حزم في «المحلى» (٧/ ١٥٩) بهذا اللَّفظِ.
(٣) «المغني» (٥/ ١٠٣)، و «الإفصاح» (١/ ٤٦٥، ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>