للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَديًا فليَصمْ ثَلاثةَ أيامٍ في الحَجِّ وسَبعةً إذا رجَع إلى أهلِه» (١)، لكنْ لا يَجوزُ صَومُها قبلَ الفَراغِ من أفعالِ الحَجِّ بالإجماعِ.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفوا، هل يَجوزُ صيامُها بمكةَ بعدَ فراغِه من الحَجِّ أو لا يَجوزُ إلا بعدَ الرُّجوعِ إلى وطَنِه وأهلِه؟

فذهَب الشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَجوزُ إلا بعدَ الرُّجوعِ إلى الأهلِ إلا إذا نَوى الإقامةَ بمكةَ؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾، أي إذا رَجَعتُم إلى أهليكُم (٢).

وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابلةُ والشافِعيُّ في قَولٍ إلى أنَّه يَجوزُ صيامُها بمكةَ بعدَ فراغِه من الحَجِّ، وأنَّ المُرادَ بالآيةِ ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾، أي: رَجعتُم عن أفعال الحَجِّ؛ لأنَّه المَذكورُ في الآيةِ، فوجَب أنْ يَكونَ المُرادُ بالرُّجوعِ الرُجوعَ عن الحَجِّ، أي: أفعالِه، وقيلَ: إذا أتَى وقتُ الرُّجوعِ، ولأنَّه لو كان الرُّجوعُ إلى الأهلِ والوطَنِ شَرطًا في جوازِ هذا الصَّومِ، لَوجَب إذا نَوى المُقامَ بمكةَ أنَّه لا يُجزِئُه الصِّيامُ بها، وفي إجماعِ العُلماءِ على جوازِ صيامِه فيها إذا نَوى المُقامَ بها، دَليلٌ على أنَّ الرُّجوعَ إلى الأهلِ ليسَ بشَرطٍ.

قال ابنُ قُدامةَ : ولأنَّ كلَّ صَومٍ لزِمه وجازَ في وَطنِه جازَ قبلَ ذلك كسائرِ الفُروضِ، وأمَّا الآيةُ فإنَّ اللهَ تَعالى جوَّز له تَأخيرَ الصِّيامِ


(١) رواه البخاري (١٦٠٦)، ومسلم (١٢٢٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (٤/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>