للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان بعدَ الحَرمِ ولو بخُطوةٍ، وهذا لا خِلافَ فيه بينَ العُلماءِ، فلو أحرَم من الحَرمِ ولم يَعدْ إلى الحِلِّ قبلَ طَوافِه فعليه دَمٌ.

وإنَّما لزِم الإحرامُ من الحِلِّ ليَجمعَ في النُّسكِ بينَ الحِلِّ والحَرمِ؛ لأنَّ من شَأنِ الإحرامِ أنْ يَجتمِعَ في أفعالِه الحِلُّ والحَرمُ، فلو أحرَم المَكيُّ بالعُمرةِ من مكةَ وأفعالُ العُمرةِ تُؤدَّى بمكةَ لم يَجتمِعْ في أفعالِها الحِلُّ والحَرمُ؛ لأنَّ أفعالَ العُمرةِ كلَّها في الحَرمِ بخِلافِ الحَجِّ، فإنَّه يَفتقِرُ إلى الخُروجِ إلى عَرفةَ، فيَجتمِعُ له الحِلُّ والحَرمُ، والعُمرةُ بخِلافِ ذلك؛ لأنَّ كلَّ أفعالِها في الحَرمِ، وهذا خِلافُ عَملِ الإحرامِ في الشَّرعِ.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفوا في المكانِ الأفضَلِ لِلأحرامِ بالعُمرةِ هل هو الجِعرانةُ أو التَّنعيمُ أو يَستويانِ؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الإحرامَ من الجِعرانةِ أفضلُ؛ لأنَّ النَّبيَّ : «اعتمَر من الجِعرانةِ» (١) ولأنَّها أكثرُ بُعدًا عن مكةَ (٢).

وذهَب الحَنفيةُ إلى أنَّ الأفضلَ أنْ يُحرِمَ من التَّنعيمِ (المُسمَّى الآنَ مَسجدَ عائشةَ ؛ لحَديثِ عائشةَ قالَت: «يا رَسولَ اللهِ،


(١) رواه البخاري (١٩٠١، ٣٩١٧).
(٢) «الشرح الكبير» (٢/ ٢٣١)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٢٨)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٢٤٥)، و «المغني» (٤/ ٤، ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>