للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدَّةِ، فإذا أحرمَت وهي مُعتدَّةٌ صحَّ حَجُّها مع الإثمِ؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾ [الطلاق: ١]، وهذا فيه تَعميمُ المُعتدَّاتِ بالنِّسبةِ للطَّلاقِ والوَفاةِ.

أمَّا الحَنابلةُ فقد فصَّلوا في ذلك، فقالوا: «لا تَخرجُ المَرأةُ إلى الحَجِّ في عدَّةِ الوَفاةِ، ولها أنْ تَخرجَ إليه في عدَّةِ الطَّلاقِ المَبتوتِ، وذلك لأنَّ لُزومَ البَيتِ فيه واجبٌ في عدَّةِ الوَفاةِ، وقُدِّم على الحَجِّ؛ لأنَّه يَفوتُ، والطَّلاقُ المَبتوتُ لا يَجبُ فيه ذلك، وأما عدَّةُ الرَّجعيَّةِ، فالمَرأةُ فيه بمَنزلَتِها في طَلبِ النِّكاحِ؛ لأنَّها زَوجةٌ».

ونحوُ ذلك عندَ الشافِعيةِ؛ فقد صرَّحوا بأنَّ للزَّوجِ أنْ يَمنعَ المُطلقةَ الرَّجعيَّةَ لِلعدَّةِ؛ وذلك؛ لأنَّه يَحِقُّ للزَّوجِ عندَهم على الصَّحيحِ مَنعُها عن حَجةِ الفَرضِ (١).

ثم إنَّ الحَنفيةَ اختلَفوا في عَدمِ العدَّةِ: هل هو شَرطُ وُجوبٍ أو شَرطُ أداءٍ؟ ذكَر ابنُ أميرِ الحاجِّ أنَّه شَرطُ الأداءِ، قال ابنُ عابدينَ: وهو الأظهرُ (٢)، أمَّا عندَ الجُمهورِ فهو شَرطٌ للوُجوبِ.


(١) «مغني المحتاج» (٢/ ٣٤٢)، و «المغني» (٤/ ٣٤٠)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٥٠)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥١٢)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٥٢٦)، و «الملك المتقسط» (ص ٣٩).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>