وفائِدةُ الخِلافِ تَظهرُ في وُجوبِ الوَصيةِ إذا خاف الفَوتَ، فمَن قال: إنَّه مِنْ شَرائطِ الوُجوبِ، يَقولُ: لا تَجبُ الوَصيةُ؛ لأنَّ الحَجَّ لم يَجبْ عليه، ولم يَصرْ دَينًا في ذِمتِه؛ فلا تَلزمُه الوَصيةُ. ومَن قال: إنَّه مِنْ شرائطِ الأداءِ يَقولُ: إنَّه تَجبُ الوَصيةُ إذا خاف الفَوتَ، أي: مَنِ استَوفى شُروطَ الحَجِّ عندَ خَوفِ الطَّريقِ فماتَ قبلَ أمْنِه يَجبُ عليه أنْ يُوصيَ بالحَجِّ، أمَّا إذا مات بعدَ أَمنِ الطَّريقِ تَجبُ عليه الوَصيَّةُ بالحَجِّ اتِّفاقًا. لكنَّ الصَّحيحَ هو القَولُ الأولُ القائلُ بأنَّ إمكانَ السَّيرِ والحُصولِ على التأشيرةِ والتَّصريحِ للحَجِّ من شَرائطِ الوُجوبِ، وليس مِنْ شَرائطِ لُزومِ الأداءِ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ لم يَذكرْ في الحَديثِ صِحةَ الجَوارحِ، وهي شَرطٌ للوُجوبِ، وأنَّ ذِكرَه ﷺ للزادِ والراحِلةِ خرَج مَخرجَ الأغلَبِ، فلا مَفهومَ له. وأنَّ قَولَهم بأنَّ إمكانَ الأداءِ ليس بشَرطٍ في وُجوبِ العِباداتِ، بدَليلِ ما لو طهُرتِ الحائِضُ أو بلَغ الصَّبيُّ أو أفاقَ المَجنونُ، ولم يَبقَ مِنْ وقتِ الصَّلاةِ ما يُمكِنُ أداؤُها فيه، والاستِطاعةُ مُفسَّرةٌ بالزادِ والراحِلةِ يَتعذرُ معه الجَميعُ، فافتَرقا. نُوقشَ بأنَّ وُجوبَ العِبادةِ في الذِّمةِ قبلَ التَّمكُّنِ من فِعلِها كما في الصَّلاةِ إنَّما يَكونُ فيما أُطلِق وُجوبُه، أمَّا الحَجُّ فقد خُصَّ وُجوبُه بمَن استطاعَ إليه سَبيلًا، فيَمتنِعُ وُجوبُه أداءً وقَضاءً على غيرِ المُستطيعِ، ومَن لم يَحصلْ على التَّرخيصِ أو التأشيرةِ غيرُ مُستَطيعٍ في