للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والراحِلةِ، فرَوى الدارقُطنيُّ عن أنسٍ في قوله ﷿: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ قال: قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، ما السَّبيلُ؟ قال: «الزادُ والراحِلةُ» (١).

فقد فسَّر النَّبيُّ الاستِطاعةَ المَشروعةَ بالزادِ والراحِلةِ جميعًا؛ فلا تَثبتُ الاستِطاعةُ بأحدِهما، وبه تَبيَّن أنَّ القُدرةَ على المَشيِ لا تَكفي لاستِطاعةِ الحَجِّ؛ ولأنَّها عِبادةٌ تَتعلَّقُ بقَطعِ مَسافةٍ بَعيدةٍ، فاشتُرِطَ لوُجوبها الزادُ والراحِلةُ، كالجِهادِ.

وما ذكَره المالِكيةُ ليسَ باستِطاعةٍ؛ فإنَّه شاقٌّ، وإن كان عادةً، والاعتِبارُ بعُمومِ الأحوالِ دونَ خُصوصِها، كَما أنَّ رُخصَ السَّفرِ تَعمُّ من يَشقُّ عليه ومن لا يَشقُّ عليه (٢).

وقال ابنُ قُدامةَ : ويُختصُّ اشتِراطُ الراحِلةِ بالبَعيدِ الذي بينَه وبينَ البَيتِ مَسافةُ القَصرِ، فأمَّا القَريبُ الذي يُمكِنُه المَشيُ فلا يَعتبرُ وجودُ الراحِلةِ في حَقهِ؛ لأنَّها مَسافةٌ قَريبةٌ يُمكِنُه المَشيُ إليها، فلزِمه، كالسَّعيِ إلى الجُمُعةِ، وإنْ كان ممَّن لا يُمكِنُه المَشيُ اعتُبرَ وُجودُ الحُمولةِ في حقِّهِ؛


(١) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه الدارقطني (٢/ ٢١٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ٤٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٠٥)، و «الاختيار» (١/ ١٥٠)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ٣٠٧)، وما بعدَها، و «الاستذكار» (٤/ ١٤٧)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٢/ ٢٠٤)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ٧)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٢٢٥)، و «المغني» (٤/ ٣٠٥)، و «الإفصاح» (١/ ٢٧٢) ط: دار الكتب العلمية، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>