للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أَجابوا عن أدِلةِ المُسقِطين لوُجوبِه بما يَلي:

١ - أمَّا دَليلُهم الأولُ، وهو حَديثُ ابنِ عَباسٍ: «الخِتانُ سُنةٌ للرِّجالِ مَكرُمةٌ لِلنِّساءِ» (١) فقالَ عنه ابنُ القَيمِ : هذا حَديثٌ يُروى عن ابنِ عَباسٍ بإِسنادٍ ضَعيفٍ، والصَّحيحُ أنَّه مَوقوفٌ عليه، ويُروى أيضًا عن الحَجاجِ بنِ أَرطاةَ وهو مما لا يُحتجُّ به عن أبي المُلَيحِ بنِ أُسامةَ عن أبيه عنه وعن مَكحولٍ عن أبي أيُّوبَ عن النَّبيِّ فذكَرَه، ذكَرَ ذلك كلَّه البَيهقيُّ، ثم ساقَ عن ابنِ عَباسٍ أنَّه لا تُؤكلُ ذَبيحةُ الأقلَفِ، ولا تُقبلُ صَلاتُه، ولا تَجوزُ شَهادتُه، ثم قالَ: وهذا يَدلُّ على أنَّه كانَ يُوجِبُه.

وإنَّ قَولَه: «الخِتانُ سُنةٌ» أرادَ به سُنةَ النَّبيِّ ، وأنَّ رَسولَ اللهِ سَنَّه وأمَرَ به، فيَكونُ واجِبًا.

والسُّنةُ هي الطَّريقةُ، يُقالُ: سَنَنتُ له كذا، أي: شرَعتُ، فقَولُه: «الخِتانُ سُنةٌ للرِّجالِ» أي: مَشروعٌ لهم، لا أنَّه نَدبٌ غَيرُ واجِبٍ، فالسُّنةُ هي الطَّريقةُ المُتبعةُ وُجوبًا واستِحبابًا؛ لقَولِه : «مَنْ رغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي» وقَولِه : «عليكم بسُنَّتي وسُنةِ الخُلفاءِ الراشِدينَ مِنْ بَعدي»، وقالَ ابنُ عَباسٍ: «مَنْ خالَف السُّنةَ كفَرَ».

وتَخصيصُ السُّنةِ بما يَجوزُ تَركُه اصطِلاحٌ حادِثٌ، وإلا فالسُّنةُ ما سَنَّه


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الإمام أحمد في «المسند» (٢٠٧٣٨)، والبيهقي في «الكبرى» (١٧٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>