للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِقَولِها : «إنْ كُنْتُ لَأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فيه فما أَسْأَلُ عنه إلا وأنا مَارَّةٌ» (١).

وذهَب الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ له عيادةَ المَريضِ وشُهودَ الجَنازةِ وإنْ لم يَشترِطْ، لِما رَوى عَاصِمُ بنُ ضَمْرَةَ عن عليٍّ قال: «إذَا اعْتَكَفَ الرَّجُلُ فَلْيَشْهَدِ الْجُمُعَةَ وَلْيَعُدِ الْمَرِيضَ وَلْيَشْهَدِ الْجِنَازَةَ وليأتِ أَهْلَهُ وَلْيَأْمُرْهُمْ بِالْحَاجَةِ وهو قَائِمٌ» (٢)، قال أحمَدُ: يَشهَدُ الجَنازةَ، ويَعودُ المَريضَ، رُوي: يَجلِسُ ويَقضي الحاجةَ ويَعودُ إلى مُعتكَفِه (٣).

أمَّا المالِكيَّةُ فإنَّهم مع الجُمهورِ في فَسادِ الاعتِكافِ لِخُروجِ عيادةِ المَريضِ وصَلاةِ الجِنازةِ وقالوا: لا يَصحُّ اشتِراطُ فِعلِ هذا، ولا يُستباحُ بالشَّرطِ؛ لأنَّه اشتِراطٌ في العِبادةِ بما يُنافيها؛ فلم يَصحَّ، كما لو اشترَط في الصَّلاةِ أنْ يأكُلَ إذا احتاجَ أو يَتكلَّمَ.

إلا أنَّهم أوجَبوا الخُروجَ لِعيادةِ أحَدِ الأبوَيْن المَريضَيْن أو كِلَيْهما، وذلك لِبِرِّهما، فإنَّه آكَدُ من الاعتِكافِ المَنذورِ ويَبطُلُ اعتِكافُه به ويَقضيه، لأنَّ الخُروجَ لذلك ليس من جِنسِ الاعتِكافِ، ولا من الحَوائِجِ الأصليَّةِ التي لا انفِكاكَ لِلمُعتكِفِ عنها، فهو عارِضٌ كالخُروجِ لِتخَليصِ الغَرقَى


(١) رواه مسلم (٢٩٧).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣/ ٣٣٤)، قال الإمامُ أَحمدُ: عاصِمُ بنُ ضَمرةَ عندِي حُجّةٌ.
(٣) «المغني» (٤/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>