للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المَسجدِ، فأذِن لهُنَّ، ولو لم يَكُنْ مَوضِعًا لاعتِكافِهِنَّ لَما أذِن فيه، ولو كان الاعتِكافُ في غَيرِه أفضَلَ لَدَلَّهُنَّ عليه ونَبَّههنَّ عليه، ولأنَّ الاعتِكافَ قُربةٌ يُشترَطُ لها المَسجِدُ في حَقِّ الرَّجلِ فيُشترَطُ في حَقِّ المَرأةِ كالطَّوافِ.

وحُكي عن الشافِعيِّ في القَديمِ أنَّه يَصحُّ اعتِكافُ المَرأةِ في مَسجدِ بَيتِها لأنَّه مَكانُ صَلاتِها.

لكنْ قال النَّوَويُّ : قد أنكَر القاضي أبو الطَّيِّبِ وجَماعةٌ هذا القَديمَ، وقالوا: لا يَجوزُ في مَسجدِ بَيتِها قَولًا واحِدًا، وغلَّطُوا مَنْ قال: فيه قَولان.

وذهَب الحَنفيَّةُ إلى جَوازِ اعتِكافِ المَرأةِ في بَيتِها، ويُكرَهُ في المَسجدِ تَنزيهًا، ومَسجِدُ بَيتِها أفضَلُ لها من مَسجدِ حَيِّها، ومَسجِدُ حَيِّها أفضَلُ من المَسجدِ الأعظَمِ.

قال الكاسانيُّ : مَسجِدُ بَيتِها له حُكمُ المَسجدِ في حَقِّها في حَقِّ الاعتِكافِ؛ لأنَّ له حُكمَ المَسجدِ في حَقِّها في حَقِّ الصَّلاةِ، لِحاجَتِها إلى إحرازِ فَضيلةِ الجَماعةِ في حَقِّها حتى كانت صَلاتُها في بَيتِها أفضَلَ على ما رُوي عن رَسولِ اللهِ أنَّه قال: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ في مَسْجِدِ بَيْتِهَا أَفْضَلُ من صَلَاتِهَا في مَسْجِدِ دَارِهَا، وَصَلَاتُهَا في صَحْنِ دَارِهَا أَفْضَلُ من صَلَاتِهَا في مَسْجِدِ حَيِّهَا» (١)، وإذا كان له حُكمُ المَسجدِ في حَقِّها في حَقِّ


(١) رواه أبو داود (٥٧٠)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١٩٩٠)، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٣٢٨)، بلفظ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ في بَيْتِهَا أَفْضَلُ من صَلَاتِهَا في حُجْرَتِهَا وَصَلَاتُهَا في مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ من صَلَاتِهَا في بَيْتِهَا». وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود» (٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>