للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د- وعَنْ عائِشةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ».

وفي رِوايةٍ أُخرى لها قَالَتْ: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ؛ فإنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ» (١). وفيه يَومُ السَّبتِ.

فهذه الأدِلَّةُ مع غَيرِها كَثيرٍ تُفيدُ جَوازَ صيامِ يَومِ السَّبتِ مُطلَقًا.

قال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : ومنها أنَّه أمَرَ بصَومِ المُحرَّمِ وفيه يَومُ السَّبتِ، وقال: «مَنْ صامَ رَمضانَ وأتبَعه بسِتٍّ من شَوَّالٍ كان كصيامِ الدَّهرِ» وقد يَكونُ السَّبتُ فيها وأمرَ بصيامِ أيَّامِ البِيضِ وقد يَكونُ فيها السَّبتُ ومِثلُ هذا كَثيرٌ.

فهذا الأثرَمُ فَهِم من كَلامِ أبي عَبدِ اللهِ أنَّه تَوقَّف عن الأخذِ بالحَديثِ وأنَّه رُخِّص في صَومِه حيثُ ذكَر الحَديثَ الذي يَحتَجُّ به في الكَراهةِ وذكَر أنَّ الإمامَ في عِللِ حَديثِ يَحيى بنِ سَعيدٍ كان يَتَّقيه ويأبى أنْ يُحدِّثَ به، فهذا تَضعيفٌ لِلحَديثِ.

واحتَجَّ الأثرَمُ بما دَلَّ من النُّصوصِ المُتواتِرةِ على صَومِ يَومِ السَّبتِ، ولا يُقالُ: يُحمَلُ النَّهيُ على إفرادِه؛ لأنَّ لَفظَه: «لا تَصومُوا يَومَ السَّبتِ إلا فيما افتُرِض عليكم»، والاستِثناءُ دَليلُ التَّناوُلِ، وهذا يَقتَضي أنَّ الحَديثَ


(١) رواه البخاري (١٨٦٩)، ومسلم (١١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>