وقد نَصَّ فُقهاءُ الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ على أنَّ الكَراهةَ تَنتَفي بأحَدِ أمرَيْن:
أحَدُهما: أنْ يُوافِقَ يَومًا كان يَصومُه.
والآخَرُ: أنْ يَصومَ معه غَيرَه.
قال ابنُ عابِدين ﵀: ويُكرهُ صَومُ يَومِ السَّبتِ وَحدَه … إلا إذا وافَق يَومًا كان يَصومُه قبلُ، كما لو كان يَصومُ يَومًا ويُفطِرُ يَومًا أو كان يَصومُ أوَّلَ الشَّهرِ مَثلًا فوافَق يَومًا من هذه الأيامِ.
وأفادَ قَولُه: وَحدَه أنَّه لو صامَ معه يَومًا آخَرَ فلا كَراهةَ؛ لأنَّ الكَراهةَ في تَخصيصِه بالصَّومِ لِلتَّشبُّهِ.
وهل إذا صامَ السَّبتَ مع الأحَدِ تَزولُ الكَراهةُ؟ مَحَلُّ تَردُّدٍ؛ لأنَّه قد يُقالُ: إنَّ كلَّ يَومٍ منهما مُعظَّمٌ عندَ طائِفةٍ من أهلِ الكِتابِ، ففي صَومِ كلِّ واحِدٍ منهما تَشبُّهٌ بطائِفةٍ منهم.
وقد يُقالُ: إنَّ صَومَهما معًا ليس فيه تَشبُّهٌ؛ لأنَّه لم تَتَّفِقْ طائِفةٌ منهم على تَعظيمِهما معًا، ويَظهَرُ لي الثاني بدَليلِ أنَّه لو صامَ الأحَدَ مع الاثنَيْنِ تَزولُ الكَراهةُ؛ لأنَّه لم يُعظِّمْ أحَدٌ منهم هَذَيْن اليَومَيْن معًا، وإنْ عَظَّمت النَّصارى الأحَدَ، وكذا لو صام مع عاشُوراءَ يَومًا قبلَه أو بعدَه مع أنَّ اليَهودَ تُعظِّمُه.
ويَظهَرُ من هذا أنَّه لو جاء عاشوراءُ يَومَ الأحدِ أو الجُمُعةِ لا يُكرهُ صَومُ