للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخَطيبُ الشِّربينيُّ : وهو أفضَلُ الأيامِ، لِحَديثِ مُسلِمٍ: «ما من يَوْمٍ أَكْثَرَ من أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فيه عَبْدًا من النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» (١).

إلا أنَّهم اختَلفُوا في حُكمِ صَومِ يَومِ عَرفةَ بالنِّسبةِ لِلحاجِّ في عَرفاتٍ هل يُستحَبُّ له أو لا يُستحَبُّ؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى عَدمِ استِحبابِ صيامِ يَومِ عَرفةَ لِلحاجِّ ولو كان قَويًّا.

وصَومُه مَكروهٌ عندَ المالِكيَّةِ والحَنابِلةِ وبَعضِ الشافِعيَّةِ، وخِلافُ الأوْلَى أو الأفضَلِ كما قالَه الشافِعيُّ، وهو اختيارُ النَّوَويِّ، لِما رَوت أُمُّ الفَضلِ بِنتُ الحارِثِ : «أنَّها أَرْسَلَتْ إلى النَّبيِّ بِقَدَحِ لَبَنٍ وهو وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ على بَعِيرِهِ فأخَذه بيَدِه فَشَرِبَهُ» (٢).

وعن أبي نَجيحٍ قال: سُئِلَ ابنُ عُمَرَ عن صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ، فقال: «حَجَجْتُ مع النَّبيِّ فلَم يَصُمْهُ، وَمَعَ أبي بَكْرٍ فلم يَصُمْهُ، وَمَعَ عُمَرَ فلَم يَصُمْهُ، وَمَعَ عُثْمَانَ فلَم يَصُمْهُ، وأنا لَا أَصُومُهُ ولا آمُرُ بِهِ ولا أَنْهَى عنه» (٣).

أمَّا الحَنفيَّةُ فقال الكاسانيُّ : وأمَّا صَومُ يَومِ عَرفةَ ففي حَقِّ غَيرِ الحاجِّ مُستحَبٌّ، لِكَثرةِ الأحاديثِ الوارِدةِ بالنَّدبِ إلى صَومِه؛ ولأنَّه له


(١) رواه مسلم (١٣٤٨).
(٢) رواه البخاري (٥٣١٣)، ومسلم (١١٢٣).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (٧٥١) وحسنه، وأحمد (٢/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>