للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عُمَرَ قال: هَشَشْتُ يَوْمًا فَقَبَّلْتُ وأنا صَائِمٌ، فَأَتَيْتُ النَّبيَّ فقُلتُ: صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا، فقَبَّلتُ وأنا صَائِمٌ، فقال رَسولُ اللَّهِ : «أَرَأَيْتَ لو تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟ قُلتُ: لا بَأْسَ بِذَلِكَ، فقال رَسولُ اللَّهِ: فَفِيمَ؟» (١)، ولِغَيرِ ذلك من الأدِلَّةِ.

قال النَّوَويُّ : تُكرهُ القُبلةُ على مَنْ حَرَّكت شَهوَتَه وهو صائِمٌ، ولا تُكرَهُ لِغَيرِه، لكنَّ الأوْلى تَركُها، ولا فَرقَ بينَ الشَّيخِ والشابِّ في ذلك، فالاعتبارُ بتَحريكِ الشَّهوةِ وخَوفِ الإنزالِ؛ فإنْ حَرَّكت شَهوةَ شابٍّ أو شَيخٍ قَويٍّ كُرِهت، وإنْ لم تُحرِّكْها لِشَيخٍ أو شابٍّ ضَعيفٍ لم تُكرَهْ والأوْلى تَركُها، وسَواءٌ قبَّلَ الخَدَّ أو الفَمَ أو غَيرَهما، وهكذا المُباشَرةُ باليَدِ والمُعانَقةُ لهما حُكمُ القُبلةِ، ثم الكَراهةُ لِمَنْ حَرَّكت شَهوَته كَراهةُ تَحريمٍ عندَ المُصنِّفِ وشَيخِه القاضي أبي الطَّيِّبِ والعَبدَريِّ وغَيرِهم.

وقال آخَرون: كَراهةُ تَنزيهٍ، ما لم يُنزِلْ، وصَحَّحه المُتولِّي.

قال الرافِعيُّ وغَيرُه: الأصَحُّ كَراهةُ تَحريمٍ، وإذا قبَّلَ ولم يُنزِلْ، لم يَبطُلْ صَومُه بلا خِلافٍ عندَنا، سَواءٌ قُلنا: كَراهةُ تَحريمٍ، أو قُلنا: كَراهةُ تَنزيهٍ (٢).

وذهَب الإمامُ مالِكٌ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يُكرَهُ له ذلك لِحَديثِ عائِشةَ قالت: «كان النَّبيُّ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وهو صَائِمٌ، وكان أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» (٣).


(١) حَدِيثٌ صحيحٌ: تَقدَّم.
(٢) «المجموع» (٧/ ٥٩٣، ٥٩٤).
(٣) رواه البخاري (١٨٢٦)، ومسلم (١١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>