للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النَّوَويُّ : فلو اغتاب في صَومِه عَصى ولم يَبطُلْ صَومُه عندَنا، وبه قال مالِكٌ وأبو حَنفيةَ وأحمدُ والعُلماءُ كافَّةً، إلا الأوزاعيَّ، فقال: يَبطُلُ الصَّومُ بالغِيبةِ ويَجِبُ قَضاؤُه، واحتَجَّ بحَديثِ أبي هُرَيرةَ المَذكورِ وبحَديثِه أيضًا أنَّ رَسولَ اللهِ قال: «مَنْ لم يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، رَواه البُخاريُّ وعنه أيضًا قال: قال رَسولُ اللهِ : «رُبَّ صَائِمٍ ليس له مِنْ صِيَامِهِ إلا الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ ليس له من قِيَامِهِ إلا السَّهَرُ» رَواه النَّسائيُّ وابنُ ماجَه في سُنَنَيْهما ورَواه الحاكِمُ في المُستدرَكِ قال: وهو صَحاحٌ على شَرطِ البُخاريِّ، وعنه أاضًا قال: «قال رَسولُ اللهِ : «لَيْسَ الصِّيامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» رَواه البَيهَقيُّ ورَواه الحاكِمُ وقال: هو صَحيحٌ على شَرطِ مُسلِمٍ. وبالحَديثِ الآخَرِ: «خَمسٌ يُفطِرْنَ الصائِمَ: الغِيبةُ والنَّميمةُ والكَذِبُ والقُبلةُ واليَمينُ الفاجِرةُ».

وأجابَ أصحابُنا عن هذه الأحاديثِ سِوى الأخيرِ بأنَّ المُرادَ أنَّ كَمالَ الصَّومِ وفَضيلتَه المَطلوبةَ إنَّما يَكونانِ بصيانَتِه عن اللَّغوِ والكَلامِ الرَّديءِ لا أنَّ الصَّومَ يَبطُلُ به (وأمَّا) الحَديثُ الأخيرُ: «خَمْسٌ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ» فحَديثٌ باطِلٌ لا يُحتَجُّ به، وأجابَ عنه الماوَرديُّ والمُتولِّي وغَيرُهما بأنَّ المُرادَ بُطلانُ الثَّوابِ لا الصَّومُ نَفسُه (١).

وقد ذكَر في فَتحِ القَديرِ أنَّه قد وقَع إجماعٌ على أنَّ المُرادَ ذَهابُ الثَّوابِ لا الصِّيامُ نَفسُه (٢).


(١) «المجموع» (٧/ ٥٩٧).
(٢) «فتح القدير» (٢/ ٣٧٨)، و «درر الحكام» (٢/ ٤٧٧)، و «العناية» (٣/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>