للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ عابِدين: (قَولُه: لا يَجوزُ، إلخ) عَزاه في البَحرِ إلى القُنيةِ. وقال في التاتارخانيَّةِ: وفي الفَتاوى سُئِل عليُّ بنُ أحمدَ عن المُحترِفِ إذا كان يَعلَمُ أنَّه لو اشتغَل بحِرفَتِه يَلحَقُه مَرضٌ يُبيحُ الفِطرَ، وهو مُحتاجٌ لِلنَّفَقةِ، هل يُباحُ له الأكلُ قبلَ أنْ يَمرَضَ؟ فمنَع من ذلك أشَدَّ المَنعِ، وهكذا حَكاه عن أُستاذِه الوَبريِّ، وفيها: سألتُ أبا حامِدٍ عن خَبَّازٍ يَضعُفُ في آخِرِ النَّهارِ، هل له أنْ يَعمَلَ هذا العَملَ؟ قال: لا، ولكنْ يَخبِزُ نِصفَ النَّهارِ ويَستريحُ في الباقي؛ فإنْ قال: لا يَكفيه كُذِّب بأيامِ الشِّتاءِ؛ فإنَّها أقصَرُ فما يَفعَلُه اليَومَ. اه مُلخَّصًا.

وقال الرَّمليُّ: وفي: «جامِعِ الفَتاوى»: ولو ضَعُف عن الصَّومِ لِاشتِغالِه بالمَعيشةِ فله أنْ يُفطِرَ ويُطعِمَ عن كلِّ يَومٍ نِصفَ صاعٍ. اه.

أي: إذا لم يُدرِكْ عِدَّةً من أيَّامٍ أُخَرَ يُمكِنُه الصَّومُ فيها، وإلا وجَب عليه القَضاءُ، وعلى هذا الحَصَّادُ إذا لم يَقدِرْ عليه مع الصَّومِ ويَهلِكُ الزَّرعُ بالتَّأخيرِ فلا شَكَّ في جَوازِ الفِطرِ والقَضاءِ وكذا الخَبَّازُ.

وقَولُه: (كُذِّب إلخ) فيه نَظَرٌ؛ فإنَّ طُولَ النَّهارِ وقِصَرَه لا دَخلَ لهما في الكِفايةِ؛ فقد يَظهَرُ صِدقُه في قَولِه: لا يَكفيني، فيُفوَّضُ إليه حَملًا لِحالِه على الصَّلاحِ، فتأمَّلْ. اه كَلامُ الرَّمليِّ: أي؛ لأنَّ الحاجةَ تَختلِفُ صَيفًا وشِتاءً، وغَلاءً ورُخصًا، وقِلَّةَ عِيالٍ وضِدَّها، ولكنْ ما نقَله عن: «جامِعِ الفَتاوى» صَوَّره في: «نُورِ الإيضاحِ» وغَيرِه بمَن نذَر صَومَ الأبَدِ، ويُؤيِّدُه إطلاقُ قَولِه: يُفطِرُ ويُطعِمُ، وكَلامُنا في صَومِ رَمضانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>