وقال الحَنفيَّةُ: لا فِديةَ عليهما؛ لأنَّه إفطارٌ بعُذرٍ؛ فإنَّ الحامِلَ والمُرضِعَ مأمورتان بصيانةِ الوَلدِ مَقصودتان، وهي لا تَتأتَّى بدونِ الإفطارِ، وعندَ الخَوفِ كانت مَأمورةً بالإفطارِ، والأمرُ بالإفطارِ مع الكَفَّارةِ التي بِناؤُها على الوُجوبِ عن الإفطارِ لا يَجتَمِعان.
ولِما رَوى أنَسُ بنُ مالِكٍ ﵁ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قال:«إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عن الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ -أو الصِّيامَ- واللهِ لقد قالَهما رَسولُ اللهِ ﷺ، أحَدَهما أو كِلَيْهما»(١)، ولم يأمُرْه بكَفَّارةٍ.
وذهَب المالِكيَّةُ إلى أنَّ الحامِلَ لا فِديةَ عليها؛ لأنَّها مُفطِرةٌ بعُذرٍ كالحائِضِ، ولأنَّ التَّكفيرَ بالفِطرِ إنَّما يَجِبُ على وَجهِ الهَتكِ، فإذا لم يَكُنْ هَتْكٌ لم يَجِبِ، اعتبارًا بالحامِلِ والمَريضِ.
أمَّا المُرضِعُ فعندَهم فيها قَولانِ:
أحَدُهما: عليها الفِديةُ؛ لأنَّ العُذرَ ليس بمَوجودٍ بها، وإنَّما هو لِأجلِ غَيرِها فضَعُفَ أمرُها عن الحامِلِ والمَريضِ.