مُتعمِّدًا كانت عليه الكَفَّارةُ مع القَضاءِ (قال): فقُلتُ لِمالِكٍ: فلو أنَّ رَجُلًا أصبَح في حَضرٍ في رَمضانَ صائِمًا ثم سافَر فأفطَر، (قال): ليس عليه إلا قَضاءُ يَومٍ، ولا أُحِبُّ أنْ يُفطِرَ؛ فإنْ أفطَرَ فليس عليه إلا قَضاءُ يَومٍ.
(قُلتُ): ما الفَرقُ بينَ هذا الذي صامَ في السَّفرِ ثم أفطَر، وبينَ هذا الذي صامَ في الحَضرِ ثم سافَر من يَومِه ذلك فأفطَرَه عندَ مالِكٍ؟ (قال): قال لنا مالِكٌ، أو فَسَّر لنا عنه؛ لأنَّ الحاضِرَ كان مِنْ أهلِ الصَّومِ فخرَج مُسافِرًا فصارَ من أهلِ الفِطرِ، فمِن ههنا سقَطت عنه الكَفَّارةُ، ولأنَّ المُسافِرَ كان مُخيَّرًا في أنْ يُفطِرَ وفي أنْ يَصومَ، فلَمَّا اختارَ الصِّيامَ وترَك الرُّخصةَ صار مِنْ أهلِ الصِّيامِ؛ فإنْ أفطَر فعليه ما على أهلِ الصِّيامِ من الكَفَّارةِ.
وقد قال المَخزوميُّ وابنُ كِنانةَ وأشهَبُ في الذي يَصومُ في السَّفرِ في رَمضانَ ثم يُفطِرُ: إنَّ عليه القَضاءَ ولا كَفَّارةَ عليه، إلا أنَّ أشهَبَ قال: إنْ تأوَّل أنَّ له الفِطرَ فله الفِطرُ؛ لأنَّ اللهَ ﷾ قد وضَع عنه الصِّيامَ، (قال أشهَبُ): وإنْ أصبَح صائِمًا في السَّفرِ ثم دخَل على أهلِه نَهارًا فأفطَر فعليه القَضاءُ والكَفَّارةُ ولا يُعذَرُ أحَدٌ في هذا، (وقال) المَخزوميُّ وابنُ كِنانةَ فيمَن أصبَح في الحَضرِ صائِمًا ثم خرَج إلى السَّفرِ فأفطَر يَومَه ذلك: عليه القَضاءُ والكَفَّارةُ؛ لأنَّ الصَّومَ وجَب عليه في الحَضرِ (١).
(١) «المدونة الكبرى» (١/ ٢٠١، ٢٠٢)، و «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (١/ ٥٣٥)، و «جواهر الإكليل» (١/ ١٥٣)، و «منح الجليل» (١/ ٤١٠)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٢١٣).