للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ القَيِّمِ بعدَ ذِكرِ هذا الأثَرِ: وفيه حُجَّةٌ لِمَنْ جَوَّز لِلمُسافِرِ الفِطرَ في يَومٍ سافِرٍ في أثنائِه، وهو إحدى الرِّوايتَيْن عن الإمامِ أحمدَ، وقَولُ عَمرِو بنِ شُرَحبيلَ والشَّعبيِّ وإسحاقَ، وحَكاه عن أنَسٍ وهو قَولُ داودَ وابنِ المُنذِرِ.

وقال مالِكٌ والشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ: لا يُفطِرُ.

وهو قَولُ الزُّهريِّ والأوزاعيِّ ومَكحولٍ (١).

وقالوا: ولأنَّ السَّفرَ مَعنًى لو وُجِد لَيلًا واستمَر في النَّهارِ لَأباحَ الفِطرَ، فإذا وُجِد في أثنائِه أباحَه كالمَرضِ؛ ولأنَّه أحَدُ الأمرَيْن المَنصوصِ عليهما في إباحةِ الفِطرِ بهما، فإباحَتُه في أثناءِ النَّهارِ كالآخَرِ (٢).

وقال الذين أباحوه من الشافِعيَّةِ: إنَّه تَغليبٌ لِحُكمِ السَّفرِ (٣).

وقد نَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّ الأفضَلَ لِمَنْ سافَر في أثناءِ يَومٍ نَوى صَومَه إتمامُ صَومِ ذلك اليَومِ، خُروجًا من خِلافِ مَنْ لم يُبَحْ له الفِطرُ، كما هو مَذهبُ الجُمهورِ، تَغليبًا لِحُكمِ الحَضرِ، كالصَّلاةِ (٤).


(١) «حاشية ابن القيم على سنن أبي داود» (٧/ ٣٩).
(٢) «المغني» (٤/ ١٤٢، ١٤٦).
(٣) «شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي» (٢/ ٦٤).
(٤) «كشاف القناع» (٢/ ٣١٢)، و «الروض المربع» (١/ ١٣٩)، و «منار السبيل» (١/ ٢٥٨)، و «الإفصاح» (١/ ٤١٧)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٨٩)، و «مجموع الفتاوي» (٢٥/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>