للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني يَتخيَّرُ؛ لأنَّ وَطءَ الصائِمةِ يُفسِدُ صيامَها، فتَتعارَضُ المَفسَدتان فيَتساوَيان (١).

وذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ إلى أنَّ الصَّحيحَ إذا خافَ الشِّدَّةَ أو التَّعبَ لا يَجوزُ له الفِطرُ، إذا حصَل له بالصَّومِ مُجرَّدُ شِدَّةِ تَعبٍ، وإنْ قيلَ بجَوازِ فِطرِه.

قال الدَّرديرُ في «الشَّرحِ الكَبيرِ»: (و) جازَ الفِطرُ (بمَرضٍ خافَ) أي: ظَنَّ لِقَولِ طَبيبٍ عارِفٍ أو تَجرِبةٍ أو لِمُوافِقٍ في المِزاجِ (زيادَتَه أو تَماديَه) بأنْ يَتأخَّرَ البُرءُ، وكذا إنْ حصَل لِلمَريضِ بالصَّومِ شِدَّةُ تَعبٍ بخِلافِ الصَّحيحِ.

قال الدُّسوقيُّ: قَولُه: (بخِلافِ الصَّحيحِ) أي؛ فإنَّه لا يَجوزُ له الفِطرُ إذا حصَل له بالصَّومِ مُجرَّدُ شِدَّةِ تَعبٍ، وهذا هو المَشهورُ، وسيأتي لِلشارِحِ قَولٌ آخَرُ بجَوازِ فِطرِه، وكذلك لو خاف الصَّحيحُ حُصولَ أصلِ المَرضِ بصَومِه؛ فإنَّه لا يَجوزُ له الفِطرُ على المَشهورِ؛ إذ لَعَلَّه لا يَنْزِلُ به المَرضُ إذا صام، وقيل: يَجوزُ له الفِطرُ.

وقال الدَّرديرُ أيضًا: ووجَب الفِطرُ لِمَريضٍ وصَحيحٍ إنْ خاف على نَفسِه بصَومِه هَلاكًا أو شَديدَ أذًى كتَعطيلِ مَنفَعةٍ مِنْ سَمْعٍ أو بَصَرٍ أو غَيرِهما لِوُجوبِ حِفظِ النَّفسِ، وأمَّا الجَهدُ الشَّديدُ فيُبيحُ الفِطرَ لِلمَريضِ، وقيلَ: والصَّحيحُ أيضًا (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٢١١، ٢١٢)، و «الفروع» (٣/ ٢٠)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٨٦)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣١٠).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (١/ ٥٣٥)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>