قالَ البُهوتيُّ ﵀: ويُكرهُ بَولُه في ماءٍ راكِدٍ للخَبَرِ، وقَليلٍ جارٍ؛ لأنَّه يُفسدُه ويُنجِّسُه، ولعلهم لم يُحرِّموه لأنَّ الماءَ غيرُ مُتموَّلٍ عادةً، أو لأنَّه يُمكنُ تَطهيرُه بالإضافةِ (١).
وأمَّا الماءُ الجارِي: فقالَ النَّوويُّ: فإنْ كانَ الماءُ كَثيرًا جاريًا لم يَحرمِ البَولُ فيه لمَفهومِ الحَديثِ، ولكنَّ الأولى اجتِنابُه، وإنْ كانَ قَليلًا جاريًا فقد قالَ جَماعةٌ من أَصحابِنا: يُكرهُ، والمُختارُ أنَّه يَحرمُ؛ لأنَّه يُقذِّرُه ويُنجِّسُه على المَشهورِ من مَذهبِ الشافِعيِّ وغيرِه، ويَغُرُّ غيرَه فيَستعمِلُه مع أنَّه نَجسٌ، وإنْ كانَ الماءُ كَثيرًا راكِدًا، فقالَ أَصحابُنا: يُكرهُ ولا يَحرمُ، ولو قيلَ: يَحرمُ لم يَكنْ بَعيدًا؛ فإنَّ النَّهيَ يَقتَضي التَّحريمِ على المُختارِ عندَ المُحقِّقين والأكثَرين من أهلِ الأصولِ، وفيه من المَعنى أنَّه يُقذِّرُه وربَّما أدَّى إلى تَنجيسِه بالإِجماعِ لتَغيُّرِه … وأمَّا الراكِدُ القَليلُ فقد أطلَقَ جَماعةٌ من أَصحابِنا أنَّه مَكروهٌ، والصَّوابُ المُختارُ أنَّه يَحرمُ البَولُ فيه؛ لأنَّه يُنجسُه ويُتلِفُ ماليَّتَه ويَغرُّ غيرَه باستِعمالِه.
ثم قالَ ﵀: قالَ أَصحابُنا وغيرُهم من العُلماءِ: والتَّغوُّطُ في الماءِ كالبَولِ فيه وأقبَحُ، وكذلك إذا بالَ في إناءٍ ثم صَبَّه في الماءِ، وكذلك إذا بالَ بقُربِ النَّهرِ بحيث يَجري إليه البَولُ فكلُّه مَذمومٌ قَبيحٌ مَنهيٌّ عنه على التَّفصيلِ المَذكورِ، ولم يُخالِفْ في هذا أحَدٌ من العُلماءِ إلا ما حُكيَ عن