للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَيهَقيُّ وهو ثِقةٌ، والمُرادُ أنَّه انفرَد بذِكرِ إسقاطِ القَضاءِ فقط، لا بتَعيينِ رَمضانَ؛ فإنَّ النَّسائيَّ أخرَج الحَديثَ من طَريقِ عليِّ بنِ بَكَّارٍ عن مُحمدِ بنِ عَمرٍو ولَفظُه: «في الرَّجلِ يَأكُلُ في شَهرِ رَمضانَ ناسيًا، فقال: اللهُ أطعَمَه وسَقاه»، وقد ورَد إسقاطُ القَضاءِ من وَجهٍ آخَرَ عن أبي هُرَيرةَ أخرَجه الدارَقُطنيُّ من رِوايةِ مُحمدِ بنِ عيسى بنِ الطَّبَّاعِ عن ابنِ عُلَيَّةَ عن هِشامٍ عن ابنِ سِيرينَ ولَفظُه: «فإنَّما هو رِزقٌ ساقَه اللهُ إليه ولا قَضاءَ عليه»، وقال بعدَ تَخريجِه: هذا إسنادٌ صَحيحٌ، وكلُّهم ثِقاتٌ قُلتُ: لكنَّ الحَديثَ عندَ مُسلِمٍ وغَيرِه من طَريقِ ابنِ عُلَيَّةَ، وليس فيه هذه الزِّيادةُ، ورَوى الدارَقُطنيُّ أيضًا إسقاطَ القَضاءِ من رِوايةِ أبي رافِعٍ وأبي سَعيدٍ المَقبُريِّ والوَليدِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ وعَطاءِ بنِ يَسارٍ، كلِّهم عن أبي هُرَيرةَ، وأخرَج أيضًا من حَديثِ أبي سَعيدٍ رفَعه: «مَنْ أكَل في شَهرِ رَمضانَ ناسيًا فلا قَضاءَ عليه»، وإسنادُه -وإنْ كان ضَعيفًا- صالِحٌ لِلمُتابَعةِ، فأقَلُّ دَرجاتِ الحَديثِ بهذه الزِّيادةِ أنْ يَكونَ حَسَنًا فيَصلُحَ لِلاحتِجاجِ به، وقد وقَع الاحتِجاجُ في كَثيرٍ من المَسائِلِ بما هو دونَه في القُوَّةِ، ويُعتَضَدُ أيضًا بأنَّه قد أفتى به جَماعةٌ من الصَّحابةِ من غَيرِ مُخالَفةٍ لهم منهم -كما قاله ابنُ المُنذِرِ وابنُ حَزمٍ وغَيرُهما- عليُّ بنُ أبي طالِبٍ وزَيدُ بنُ ثابِتٍ وأبو هُريرةَ وابن عُمَرَ، ثم هو مُوافِقٌ لِقَولِه تَعالى: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾، فالنِّسيانُ ليس من كَسبِ القَلبِ، ومُوافِقٌ لِلقياسِ في إبطالِ الصَّلاةِ بعَمدِ الأكلِ، لا بنِسيانِه، فكذلك الصِّيامُ، وأمَّا القياسُ الذي ذكَره ابنُ العَربيُّ فهو في مُقابَلةِ النَّصِّ فلا يُقبَلُ، ورَدُّه لِلحَديثِ مع صِحَّتِه بكَونِه خَبرَ واحِدٍ خالَف القاعِدةَ ليس بمُسلَّمٍ؛ لأنَّه قاعِدةٌ مُستقِلَّةٌ بالصِّيامِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>