للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَنوِ صيامَه، فلا يَكونُ صائِمًا فيه؛ لِقَولِ النَّبيِّ : «إنَّما الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، ولأنَّ الصَّومَ عِبادةٌ مَحضةٌ لا تُوجَدُ بغَيرِ نيَّةٍ كسائِرِ العِباداتِ المَحضةِ (١).

وذهَب الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ في الأصَحِّ وبَعضُ الحَنابِلةِ إلى أنَّه لا يَجوزُ نيَّةُ النَّفلِ بعدَ الزَّوالِ؛ لأنَّ النيَّةَ لم تَصحَبْ مُعظَمَ العِبادةِ، فأشبَهَ إذا نَوى مع غُروبِ الشَّمسِ، ويُخالِفُ النِّصفَ الأولَ؛ لأنَّ النيَّةَ هناك صَحِبت مُعظَمَ العِبادةِ، ومُعظَمُ الشَّيءِ يَجوزُ أنْ يَقومَ مَقامَ الجَميعِ، ولِهذا لو أدرَك مُعظَمَ الرَّكعةِ مع الإمامِ جُعِل مُدرِكًا لِلرَّكعةِ، ولو أدرَك دونَ المُعظَمِ لم يُجعَلْ مُدرِكًا لها (٢).

وذهَب المالِكيَّةُ والمُزَنيُّ وأبو يَحيى البَلخيُّ من الشافِعيَّةِ إلى أنَّه يُشترَطُ في صَومِ النَّفلِ نيَّةٌ مُبيَّتةٌ من اللَّيلِ لِعُمومِ قَولِ النَّبيِّ : «مَنْ لم يُبَيِّتِ الصِّيامَ من اللَّيْلِ فلا صِيَامَ له» (٣)، ولأنَّ الصَّومَ عِبادةٌ من شَرطِ صِحَّتِها النيَّةُ وجَب أنْ يَستوي نَفلُها وفَرضُها كالصَّلاةِ، ولأنَّ النيَّةَ بعدَ الفَجرِ كالنيَّةِ بعدَ الزَّوالِ (٤).


(١) «المغني» (٤/ ١٣٤، ١٣٥)، و «المجموع» (٧/ ٤٨٥، ٤٨٦)، و «الاختيارات الفقهية» (١/ ١٦٠).
(٢) «البدائع» (٢/ ٦٠٦) والمصدرين السابقين.
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٤) «الشرح الصغير» (١/ ٤٥٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٠٤)، و «جواهر الإكليل» (١/ ١٤٨)، و «شرح الخرشي» (٢/ ٢٤٦)، و «الإفصاح» (١/ ٣٨٥)، و «المجموع» (٧/ ٤٨٦)، و «المغني» (٤/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>