للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِمَا رَوَتْ فاطِمةُ بِنتُ الحُسَينِ بنِ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ : «أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عِنْدَ عَلِيٍّ على رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ، فَصَامَ، وَأَحْسَبُهُ قال: وَأَمَرَ الناسَ أَنْ يَصُومُوا، وقال: أَصُومُ يَوْمًا من شَعْبَانَ أَحَبُّ إليَّ من أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا من رَمَضَانَ» (١).

قالوا: ولأنَّ الإخبارَ برُؤيةِ الهِلالِ من الرِّوايةِ، وليس بشَهادةٍ؛ لأنَّه يَلزَمُ المُخبِرَ بالصَّومِ، ومَضمونُ الشَّهادةِ لا يُلزِمُ الشاهِدَ بشَيءٍ، والعَددُ ليس بشَرطٍ في الرِّوايةِ، فأمكَن قَبولُ خَبرِ الواحِدِ في رُؤيةِ الهِلالِ بالشُّروطِ الواجِبِ تَوافُرها في الراوي لِخَبرٍ دِينيٍّ، وهي: الإسلامُ والعَقلُ، والبُلوغُ والعَدالةُ (٢).

وذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ في قَولٍ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يُشترَطُ في رُؤيةِ هِلالِ رَمضانَ شَهادةُ عَدْلَيْنِ، لِما رَواه النَّسائيُّ عن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ زَيْدِ بنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَطَبَ الناسَ في الْيَوْمِ الذي يُشَكُّ فيه، فقال: ألَا إنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسولِ اللَّهِ وَسَاءَلْتُهُمْ، وأنَّهم حَدَّثُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قال: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَانْسُكُوا لها، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ، فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» (٣). وقياسًا على شَوَّالٍ وسائِرِ الشُّهورِ (٤).


(١) أَخرَجه الشافِعيّ في «المسند» (٧٢١)، وفي «الأم» (٢/ ٩٤)، ومن طريقه البيهقي (٤/ ٢١٣)، وصحَّحه النَّوَويُّ في «المجموع» (٧/ ٤٧٢).
(٢) «البدائع» (٢/ ٥٩٣).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه النسائي (٢١١٦).
(٤) «الذخيرة» (٢/ ٤٨٨، ٤٨٩)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٣٨٦)، و «المدونة» (١/ ١٧٤)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٤٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٠٥)، و «المغني» (٤/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>