للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولا يَجوزُ دَفعُها إلى مَنْ لا يَجوزُ دَفعُ زَكاةِ المالِ إليه، ولا يَجوزُ دَفعُها إلى ذمِّيٍّ، وبهذا قالَ مالِكٌ واللَّيثُ والشافِعيُّ وأبو ثَورٍ (١).

واستدَلَّ الجُمهورُ على عَدمِ جَوازِ إِعطاءِ الكافِرِ من زَكاةِ الفِطرِ مُطلقًا سَواءٌ كانَ ذمِّيًّا أو حَربيًّا بالسُّنةِ والمَعقولِ.

أولًا: السُّنةُ:

عَنْ ابنِ عَباسٍ : أنَّ النَّبيَّ بعَثَ مُعاذًا إلى اليَمَنِ، فقالَ: «ادعُهم إلى شَهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هم أَطاعُوا لذلك، فأَعلِمْهم أنَّ اللهَ قد افتَرضَ عليهم خَمسَ صَلواتٍ في كلِّ يومٍ ولَيلةٍ، فإنْ هم أَطاعُوا لذلك، فأَعلِمْهم أنَّ اللهَ افتَرضَ عليهم صَدقةً في أَموالِهم تُؤخذُ مِنْ أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقرائِهم» (٢).

دَلَّ هذا الحَديثُ على أنَّ الزَّكاةَ تُؤخذُ من أَغنياءِ المُسلِمينَ وتُردُّ في فُقرائِهم، أي: فُقراءِ المُسلِمينَ، ودَفعُ الزَّكاةِ إلى الكافِرِ دَفعٌ إلى غيرِ من أرشدَ الرَّسولُ بالدَّفعِ إليه فهو عُدولٌ عن المَنصوصِ عليه لذلك هو لا يَجوزُ.

قالَ القاضِي عِياضٌ : وفيه أنَّ الزَّكاةَ لا تُدفَعُ إلى الكافِرِ لعَودِ الضَّميرِ في «فُقرائِهم» إلى المُسلِمينَ، سَواءٌ قُلنا بخُصوصِ البَلدِ أو العُمومِ (٣).


(١) «المغني» (٤/ ١٢).
(٢) رواه البخاري (١٣٣١)، ومسلم (١٩).
(٣) «فتح الباري» (٣/ ٣٦٠)، و «تحفة الأحوذي» (٣/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>