فهنا إِخراجُ عُشرِ الدَّراهمِ يُجزِئُه ولا يُكلَّفُ أنْ يَشتريَ ثَمرًا أو حِنطةً؛ إذْ كانَ قد ساوَى الفُقراءَ بنَفسِه، وقد نَصَّ أحمدُ على جَوازِ ذلك.
ومِثلَ أنْ يَجبَ عليه شاةٌ في خَمسٍ من الإبلِ وليسَ عندَه مَنْ يَبيعُه شاةً، فإِخراجُ القيمةِ هنا كافٍ ولا يُكلَّفُ السَّفرَ إلى مَدينةٍ أُخرى ليَشتريَ شاةً، ومِثلَ أنْ يَكونَ المُستحِقُّونَ للزَّكاةِ طلَبوا منه إِعطاءَ القيمةِ لكَونِها أنفَعَ فيُعطيهم إيَّاها أو يَرى الساعي أنَّ أخْذَها أنفَعُ للفُقراءِ كما نُقلَ عن مُعاذِ بنِ جَبلٍ أنَّه كانَ يَقولُ لِأهلِ اليَمنِ:«ائْتُوني بخَميصٍ أو لَبيسٍ أسهَلُ عليكم وخَيرٌ لمَن في المَدينةِ من المُهاجِرينَ والأَنصارِ» وهذا قد قيلَ إنَّه قالَه في الزَّكاةِ، وقيلَ في الجِزيةِ (١).
وقالَ ﵀ في مَوضعٍ آخَرَ: فَصلٌ: ولِلناسِ في إِخراجِ القِيَمِ في الزَّكاةِ ثَلاثةُ أَقوالٍ:
أحدُها: أنَّه يُجزِئُ بكلِّ حالٍ كما قالَه أبو حَنيفةَ.
والثاني: لا يُجزئُ بحالٍ كما قالَه الشافِعيُّ.
والثالِثُ: أنَّه لا يُجزِئُ إلا عندَ الحاجةِ مثلَ من تَجبُ عليه شاةٌ في الإبِلِ وليسَت عندَه، ومِثلَ مَنْ يَبيعُ عِنبَه ورُطبَه قبلَ اليُبسِ، وهذا هو المَنصوصُ عن أحمدَ صَريحًا، فإنَّه منَعَ من إِخراجِ القِيَمِ، وجوَّزَه في مَواضعَ لِلحاجةِ، لكنْ مِنْ أَصحابِه مَنْ نقَلَ عنه جَوازَه فجعَلوا عنه في إِخراجِ القيمةِ رِوايتَينِ، واختَاروا المَنعَ؛ لأنَّه المَشهورُ عنه كقَولِ الشافِعيِّ، وهذا القَولُ أعدَلُ الأَقوالِ كما ذكَرْنا