للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَيتٍ لكلِّ إِنسانٍ كلَّ شَهرٍ، وعلى أَهلِ الورِقِ أَربَعينَ دِرهمًا وخَمسةَ عشَرَ صاعًا لكلِّ إنسانٍ، ولا أَحفَظُ ما ذُكرَ في الوَدكِ» (١) (٢).

وَجهُ الاستِدلالِ من هذا الأثرِ هو ما استَنبَطه الإمامُ أبو عُبيدٍ فقالَ: فنظَرتُ في حَديثِ عُمرَ هذا فإذا هو قد عدَلَ أربَعينَ دِرهمًا بأربَعةِ دَنانيرَ؛ لأنَّ أصلَ الدَّنانيرِ أنْ يَعدِلَ الدِّينارُ عَشرةَ دَراهمَ، وكذلك عَدَل مُدَّينِ من طَعامٍ بخَمسةَ عَشرَ صاعًا وجعَلَها مُوازيةً لهما، فغايَرتُ الأَمدادَ والصِّيعانَ وجمَعتُ بينَهما، ثم اعتبَرتُهما بالوَزنِ فوَجدتُ المُدَّينِ نيِّفًا وثَمانينَ رِطلًا، ووَجدتُ خَمسةَ عَشرَ صاعًا ثَمانينَ رِطلًا، على قَولِ أهلِ المَدينةِ، فهذه زيادةٌ يَسيرةٌ مُتقارِبةٌ، وإنَّما زادَ على ذلك النيِّفِ على الثَّمانينَ -فيما ظَننتُ- بقَدرِ ما يَكونُ بينَ الطَّعامَينِ من الرَّزانةِ والخفَّةِ، ووَجدتُ خَمسةَ عشَرَ صاعًا على قَولِ أهلِ العِراقِ عِشرين ومِئةَ رِطلٍ فهذه زيادةٌ مُتفاوِتةٌ، فعَرفتُ بهذا أنَّ الصاعَ كقَولِ أهلِ الحِجازِ خَمسةَ أَرطالٍ وثُلثًا، ثم صدَّقَ ذلك وثبَّتَه حَديثُ النَّبيِّ : «المِكيالُ مِكيالُ المَدينَةِ، والمِيزانُ مِيزانُ مَكةَ» (٣).

وقالَ أيضًا: عن القَولِ بأنَّ الصاعَ خَمسةُ أَرطالٍ: فاجتَمعَت فيه ثَلاثُ خِلالٍ حَديثُ النَّبيِّ وتَدبُّرُ حَديثِ عُمرَ واتِّفاقُ أهلِ الحِجازِ عليه، فأينَ المَذهبُ عن هذا (٤).


(١) الوَدَك بفتحَتَيْن: دَسَمُ اللَّحمِ والشَّحمِ وهو ما يُتحلَّبُ من ذلك. «المِصباح المنير» (٢/ ٦٥٣) مادة: (ودد).
(٢) كتاب «الأموال» (١/ ٦٢٣) رقم (١٦٠٦).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٣٤٠)، والنسائي (٢٥٢٠).
(٤) كتاب «الأموال» لأبي عبيد (١/ ٦٢٣، ٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>