للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ النَّوويُّ : إذا اشتَبهَ ماءان طاهِرٌ ونَجسٌ … الصَّحيحُ المَنصوصُ الذي قطَعَ به الجُمهورُ وتظاهَرَت عليه نُصوصُ الشافِعيِّ : أنَّه لا يَجوزُ التَّطهُّرُ بواحِدٍ منهما إلا إذا اجتَهدَ وغلَبَ على ظَنِّه طَهارتُه بعَلامةٍ تَظهرُ، فإنْ ظَنَّه بغيرِ عَلامةٍ تَظهرُ لم تَجُزِ الطَّهارةُ به … وسَواءٌ عندَنا كانَ عَددُ الطاهِرِ أكثَرَ أو أقَلَّ حتى لو اشتَبَه إناءٌ طاهِرٌ بمِئةِ إناءٍ نَجسةٍ تَحرَّى فيها، وكذلك الأطعِمةُ والثِّيابُ، هذا مَذهبُنا وبمِثلِه قالَ بعضُ أَصحابِ مالِكٍ (١).

واستدَلُّوا بقَولِه تَعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣] وهذا واجِدُ ماءٍ فلم يَجزِ التَّيممُ، ووجَبَ الاجتِهادُ، وبأنَّ التَّطهرَ شَرطٌ من شُروطِ صِحةِ الصَّلاةِ يُمكنُ التَّوصلُ إليه بالاجتهادِ، فوجَبَ قياسًا على القِبلةِ وعلى الاجتِهادِ في الأَحكامِ، وفي تَقويمِ المُتلَفاتِ وإنْ كانَ قد يَقعُ الخَطأُ (٢).

القَولُ الثاني: يَجبُ عليه الاجتِهادُ والتَّحرِّي إذا كانَ عَددُ أَواني الماءِ الطَّهورِ أكثَرَ من عَددِ أَواني النَّجسِ، فإنْ كانَ عَددُ أَواني الماءِ الطَّهورِ مُساويًا لعَددِ أَواني النَّجسِ أو أقَلَّ لا يَجوزُ له التَّحرِّي، بل يَتيمَّمُ، وبهذا قالَ الحَنفيةُ، وهو قَولُ أبي علِيٍّ النَّجادِ من الحَنابِلةِ (٣).


(١) «المجموع» (٢/ ١٦٤، ١٦٥)، و «الأم» (١/ ١١)، و «مغني المحتاج» (١/ ٥٩)، و «مواهب الجليل» (١/ ١٧١)، و «تهذيب الفروق» (١/ ٢٢٨).
(٢) «المجموع» (٢/ ١٦٧).
(٣) «حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح» (١/ ٢٣)، و «المغني» (١/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>