للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحَديثِ، إذًا فالحَديثُ يَدلُّ على وُجوبِ صَدقةِ الفِطرِ عن اليَتيمِ (١).

وأمَّا المَعقولُ فهو مِنْ وُجوهٍ:

أحَدهُا: قياسُ اليَتيمِ على الصَّغيرِ غيرِ اليَتيمِ بجامِعِ وُجوبِ النَّفقةِ في كلٍّ، فالصَّغيرُ إذا كانَ له مالٌ، فنَفقتُه وفِطرتُه في مالِه فكذلك اليَتيمُ.

الثاني: زَكاةُ الفِطرِ فيها مَعنى المُؤنةِ بدَليلِ أنَّها تَجبُ على الغيرِ بسَببِ الغَيرِ، فهو كالنَّفقةِ، ونَفقةُ اليَتيمِ واجِبةٌ في مالِه إنْ كانَ له مالٌ، فكذلك زَكاةُ الفِطرِ تَجبُ عليه؛ لأنَّ زَكاةَ الفِطرِ تابِعةٌ للنَّفقةِ.

الثالِثُ: أنَّ زَكاةَ الفِطرِ طُهرةٌ شَرعيَّةٌ فتُقاسُ بنَفقةِ الخِتانِ؛ لأنَّ أُجرةَ الخَتَّانِ من مالِه، فكذلك زَكاةُ الفِطرِ (٢).

القَولُ الثاني: زَكاةُ الفِطرِ لا تَجبُ على اليَتيمِ مُطلقًا سَواءٌ كانَ له مالٌ أو لم يَكنْ، وهوقَولُ مُحمدِ بنِ الحَسنِ وزُفرَ من الحَنفيةِ، واستَدَلَّا على ذلك بقياسِ زَكاةِ الفِطرِ على زَكاةِ المالِ، واليَتيمُ لا تَجبُ عليه زَكاةُ المالِ، فكذلك زَكاةُ الفِطرِ.

ولأنَّ زَكاةَ الفِطرِ عِبادةٌ واليَتيمُ ليسَ بأهلٍ لوُجوبِ العِبادةِ عليه، فإنَّ الوُجوبَ يَنبَني على الخِطابِ (٣).


(١) «المغني» (٤/ ٣١).
(٢) «المبسوط» للسرخسي (٣/ ١٠٤).
(٣) «المبسوط» للشيباني (٢/ ٢٥٢)، و «المبسوط» للسرخسي (٣/ ١٠٤)، و «عمدة القاري» (٩/ ١١٠)، و «التمهيد» (١٤/ ٣٣٦)، و «المحلى» (٦/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>